أصحاب الفخامة
أصحاب المعالي والسعادة
رؤساء الوفود
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم إليكم بالأصالة عن نفسي ونيابة عن وفد بلادي بأجمل التحايا بمناسبة انعقاد هذه القمة التاريخية، كما يسعدني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى جمهورية روسيا الاتحادية رئيسا وحكومة وشعباً على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
السيدات والسادة
تشكل هذه القمة حدثا مهما في تاريخ العلاقات الافريقية الروسية .. أتيتها وأنا أحمل معي قضية بلادي التي تمر بظروف استثنائية وأزمة خطيرة، سببها التدخلات الخارجية السلبية في الشأن الليبي، التي نجم عنها انقسام سياسي ومؤسساتي، تفاقم ليصل إلى عدوان عسكري على عاصمتها وضواحيها، بتشجيع وتمويل خارجي ودعم عسكري من بعض الدول، في انتهاك صارخ لقرار مجلس الأمن الدولي بحظر دخول السلاح إلى ليبيا …. لقد أرتكب هذا العدوان في وقت كانت فيه الاستعدادات تجري لعقد مؤتمر وطني يجمع كل الليبيين، لإيجاد حل سياسي لأزمة بلادهم، فنسف العدوان تطلعاتهم وجهود المجتمع الدولي، وقطع الطريق أمام بناء الدولة المدنية والديموقراطية.
لقد توهم المعتدي أن بمقدوره دخول العاصمة في أيام معدودة ، لكن أوهامه تبخرت، بفعل صمود المدافعين عن مشروع الدولة المدنية، محطمين بانتصاراتهم تطلعاته السلطوية، وكشفت زيف ما يدعيه من قوة.
السيدات والسادة
إن المعتدي يسٌوق للعالم أنه باعتدائه على العاصمة يحارب الإرهاب، وتناسى جهود حكومة الوفاق الوطني منذ توليها زمام الأمور في محاربة التنظيمات الإرهابية، وقدمت في سبيل ذلك ما يزيد عن (800) شهيد وآلاف الجرحى من خيرة شبابنا، للقضاء على تنظيم داعش في مدينة سرت وغيرها، وواصلت حكومة الوفاق الوطني على مدار الأعوام الماضية وحتى الآن رصد واستهداف فلول الإرهابيين التي فرت من سرت إلى مناطق متفرقة بجنوب البلاد.
إننا نطالب بإدانة الاعتداء الغاشم، وما ترتكبه المليشيات المعتدية من انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب، والتفريق بين المعتدي والمعتدى عليه، الذي يمارس حقه المشروع في الدفاع عن النفس وحماية المدنيين.
إن موقفنا هو العزم على ردع المعتدي ودحره، وتحميل من يدعمه مسؤولية قتل وتشريد عشرات الآلاف من الليبيين، وتدمير بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومطاراتهم وقتل أطفالهم، وجميعها جرائم يعاقب عليها القانون الدولي.
السيدات والسادة
إننا دعاة سلام وتوافق، قناعة منا بأنه لا حل عسكري للازمة في بلادنا، ومن هذا المنطلق أعلنت في شهر يونيو الماضي عن مبادرة لعقد مؤتمر وطني يمهد لانتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، ومطلبنا من هذا اللقاء هو تأييد أي تحرك يبذل لوقف التدخل الخارجي في شؤوننا، ويدعم الجهود المبذولة لحل أزمتنا، وانهاء الصراع في بلادنا وفي منطقتنا أفريقيا ، فقد نجم عن الوضع في ليبيا تداعيات سلبية على دول جوارنا وغيرها، وهذا يتطلب موقفا أفريقيا موحدا ، لذلك أدعو الاتحاد الأفريقي ليلعب دوراً مركزياً في الجهود الهادفة لحل هذه الأزمة، لما ينتج عن استمرارها من عواقب وخيمة ، لا على بلادنا فحسب بل على الدول الأفريقية جميعها.
السيدات والسادة
لقد جئنا لهذه القمة تدفعنا إرادة وعزم أكيدين في تعزيز مسيرة التعاون الأفريقي الروسي، وتحقيق مزيد من المكاسب والمنفعة للجانبين .. أفريقيا بمواردها الكبيرة وإمكانياتها الهائلة، والاتحاد الروسي بما لديه من تقدم علمي وتقني وتأثير سياسي، لدعم المواقف الافريقية على الصعيد الدولي، والمهم في هذا السياق هو أن نترجم نتائج هذه القمة إلى أعمال ملموسة لصالح الشعوب الأفريقية والشعب الروسي.
هذه رسالتي إلى هذا الملتقى التاريخي، أحملها نيابة عن شعب بلادي الداعم للشراكة الأفريقية الروسية، ومعولا على تأييدكم لكل مسعى يحقق الأمن والاستقرار، والبدء في مسيرة البناء والتعمير.
اشكركم والله الموفق