جمال الزائدي
الجموع غير المؤطرة في تنظيمات حزبية أو نقابية أو أهلية..ان لم تكن قوة مهدورة فهي في أفضل توصيف قوة عمياء مدمرة أحيانا..
التاريخ الإنساني قديمه وحديثه ليس تاريخ جموع ..ففي كل محطاته الأساسية ومفاصله الكبرى كان تاريخ أفراد وصفوة مختارة وفق قوانين تتغير بتغير الأزمنة والعصور ..
في الأحداث النادرة التي صاغت اقدار المجتمعات وأعادت توجيه مساراتها عبر الثورات والانتفاضات الدامية ..من ثورة العبيد ضد روما القديمة إلى الثورة البلشيفية وقبلها الفرنسية لا أحد يتذكر أسماء الضحايا الذين عمدوا بأرواحهم تلك التواريخ الخالدة ..لكن من منا لم يسمع بأسماء القادة من سبارتكوس إلى لينين وتروتسكي مرورا بروبسبير ورفاقه اليعاقبة..
اعلاميو وسياسيو الصدفة في بلادنا ، الذين يلعنون صباح مساء سلبية الشعب الليبي في هذه الظروف البائسة التي تمر بها بلادنا ..ينحازون إلى منطق شعبوي مزيف يدين البريء ويحكم ببراءة المسؤول.. ويتهربون من الحقيقة التي تقول ان الشعوب على دين نخبتها فإن ضلت النخبة ضل الشعب وان رشدت النخبة رشد الشعب ..
فإذا كان الشعب هو جسد الأمة فالنخبة عقلها ولامنطق في لوم اليد والرجل وبقية الأعضاء على اي فعل أو حركة لأن المسؤولية مناط العقل لا الأطراف..
رجل الشارع العادي الذي تكتنفه ظروف الحياة اليومية وتأخذه المعاناة المعيشية في ظل عوامل اقتصادية وأمنية وسياسية مضطربة كالتي نعيشها الآن لا يمكن تحميله أكثر مما يعانيه فعلا .. ولذلك تحتاج المجتمعات الحية إلى مثقفيها ومفكريها واصحاب العقول النيرة فيها لتوجيه الناس وصناعة الرأي العام وتحديد الخيارات الصحيحة ..
الحقيقة ان فشل الليبيين في تخطي محنتهم الراهنة وصناعة غد أفضل يعني ببساطة ان المثقف الليبي والسياسي الليبي والمحامي الليبي والطبيب الليبي والصحفي الليبي والأكاديمي الليبي هو من فشل ..ومثلما خلدت الذاكرة الوطنية في سجل الفخر والمجد تلك الأسماء اللامعة من النخبة الليبية التي نافحت وناضلت من أجل استقلال وحرية ووحدة بلادنا عبر عقود من القرن الماضي ..فإن ذات الذاكرة يمكنها أن تحتفظ في سجل الفشل والعار بأسماء من يشكلون اليوم نخبة ليبيا التي عجزت عن الحفاظ على منجز من سبقوا..