الصباح/ وكالات: قال موقع “المونيتور” الأميركيّ، يوم السبت، إن أصدقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض امتنعوا خلال الأسبوعين الأخيرين عن الردّ على اتصالاته المتكرّرة.
ونقل محلّل الشؤون الإسرائيلية في الموقع، بن كاسبيت، عن مسؤول رفيع على اطّلاع بمحاولات نتنياهو، أنّ كبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنر، وزوجته، إيفانكا ترامب، “غير متحمّسين لفكرة الضمّ بالنظر إلى ظروف اللعب الحاليّة”.
وأضاف موقع “المونيتور”: قبل أقل من شهر من الموعد المستهدف في الأول من يوليو، والذي يسمح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتصويت على ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية، لا أحد لديه أي فكرة إلى أين تتجه البلاد. نوايا نتنياهو غير واضحة، مشيرا إلى أنه رغم التفويض السابق الذي منحته الإدارة الأميركية لرئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، إلا أن مصادر دبلوماسيّة إسرائيليّة أكدت ان الإجماع الذي ميّز الفترة السابقة إسرائيليًا وأميركيًا، يبدو أنه يتبدّد مع الدخول إلى التفاصيل، وسط تحذيرات أوروبية وحراك دبلوماسي روسي.
وفي مقابل تجاهل الإدارة الأميركيّة، “لا يملك السفير الأميركي واسع التأثير في إسرائيل، ديفيد فريدمان، أيّة هواجس تجاه الضمّ، مع استمراره بعقد اجتماعات مكثّفة مع المستوطنين” للترويج لخطّته.
وتابع الموقع، أن مشكلة نتنياهو الرئيسيّة أنه “غير قادر على قراءة نوايا واشنطن الحقيقيّة في هذه المرحلة، خصوصًا البيت الأبيض”، وعزا ذلك إلى “الفوضى الحاليّة” في الإدارة الأميركيّة إثر تفشّي جائحة كورونا والمظاهرات الواسعة التي تلت مقتل جورج فلويد خنقًا من قبل شرطي أميركي.
ونقل المونيتور عن وزير إسرائيلي رفيع وُصف بأنه من “الجناح اليميني” في الحكومة الإسرائيليّة أنّ نتنياهو “ربّما يفضّل أن يدفع ترامب القضيّة بأكملها جانبًا”، وعندها، بحسب الوزير الإسرائيلي، “بإمكان نتنياهو دائمًا القول إنه حاول ذلك (الضمّ)، لكنّ الظروف جعلته مستحيلا”.
ويوم الجمعة، عارض وزير شؤون القدس الإسرائيلي، رافي بيرتس، علنًا، “صفقة القرن” الأميركيّة، قائلا إن فيها بنودًا لا يمكن الموافقة عليها. وتعتبر هذه أول معارضة علنية لـ”صفقة القرن” من قبل وزير إسرائيلي.
وسيحاول نتنياهو التملّص من ضغوط أميركيّة محتملة، عبر القول علنًا إنه يؤيّد “صفقة القرن”، لكن دون أن توافق عليها الكنيست كاملة.
وقال مصدر في الليكود لهيئة البثّ الرسميّة “كان”، إنّه إذا تضمّن إعلان الحكومة الإسرائيليّة عند الضمّ “اعترافًا بدولة فلسطينيّة” (وفق “صفقة القرن”)، فإن الليكود لن يصوّت لصالح تمرير القرار في الحكومة، والكنيست، وسيصوّت فقط لصالح الضمّ.
ولفتت كان العبرية، إلى أن غانتس ليس سلبيًا تجاه الضمّ، لكنّه يشترط موافقة وطنية، ودولية والتنسيق مع الولايات المتّحدة.
من جهته، قال المستشرق الإسرائيلي إيهود يعاري، الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربيّة، في القناة الـ12 العبريّة، إنّ نتنياهو يوشك أنْ يرتكب خطأه التاريخي، ويدمر ما حققه خلال عقد من الزمن، لأنه يستعد لتنفيذ خطة ضم الضفة الغربية، وبسبب أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية التي جلبها، فلا يوجد أحد يوقفه، وكلما اقترب التاريخ من الأول من يوليو، ستتفاقم تهديدات وتصرفات الفلسطينيين والعرب، وسيلحق بإسرائيل المزيد من الخسائر، فهل يستحق مشروع الضم كل هذه الأضرار، على حدّ قوله.
وأضاف يعاري، المعروف بصلاته الوطيدة جدًا مع المؤسسة الأمنيّة الإسرائيلية، أنّ نتنياهو يستعد لضم أكثر من 30 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، دون أنْ يوجد حاليًا أحد يوقف تداعيات هذه المغامرة غير الضرورية، لأنها ستفتح أمامنا مواجهة صعبة، دون حاجة حقيقية، في كل مكان حولنا نشعر بالتثاؤب والملل والعصبية، مع مزيج من الوباء والكوارث الاقتصادية.
وأكّد يعاري، الذي يعمل أيضًا في مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أنّ الجنرال في الاحتياط بيني غانتس رئيس الوزراء البديل ووزير الدفاع الإسرائيلي، والشريك الأساسي في الحكومة، لا يجرؤ على إصدار صوت واضح، وكذلك غابي أشكنازي وزير الخارجية، الذي يحلم بتخطي حزب الليكود، حيث لا يستجيبان للتحذيرات، ولا يعارضان خطوة رئيسهما نتنياهو بشكل صحيح، في حين انصهر حزب العمل في شجار صغير بين الوزيرين عمير بيرتس ويسرائيل كاتس.
وأوضح أنّه لا يتوقع أحد من أفيغدور ليبرمان زعيم حزب (يسرائيل بيتنا)، وهو في المُعارضة، أنْ يقدم عرضاً عقلانيًا، ولم يتبق سوى المستوطنين الذين يحتقرون أي ذكر لدولة فلسطينية، حتى لو كانت عبارة عن جيوب مليئة بالثقوب، بل يقفون ضد ترجمة “رؤية” الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حقيقة واقعة، على حدّ تعبيره.
وأشار المستشرق الإسرائيليّ إلى أنّ المرشح الرئاسي الأمريكي الديمقراطي جو بايدن يعلن أنّه لن يعترف بأي عملية ضم، وكذلك الأوروبيين، لكن العرب بدأوا بإرسال رسائل هذا الأسبوع، علانية وسرية، قد تجبرهم على الردّ بقسوة على خطوة الضّم الإسرائيلية، وهذه الرسائل الموجهة لساكن البيت الأبيض أكثر من نتنياهو، لأنّهم يفهمون أن الكرة قد تتدحرج، ولا يمكن سوى لترامب أنْ يركلها إلى “فترة الاستراحة”، ولفترة غير محدودة.
وأضاف أننا سمعنا الملك الأردني يحذر من “مواجهة ضخمة”، وطلب وزير الخارجية الإماراتي أنور قرقاش عدم ذكر الضم على الإطلاق، وأصدرت مصر رسالتين أنيقتين، وستُسمع قريبًا من المملكة العربية السعودية، وكلما اقتربنا من الأول من يوليو، الموعد النهائي المحدد في اتفاقية التحالف الحكومي الإسرائيلي، زادت التهديدات العربية، الأمر الذي قد لا يسمح لهم بالمضي قدما في علاقات الدولة العبريّة معهم.
وتساءل يعاري عن “موقف ترامب، ظهر نتنياهو الوحيد، أمام هذه التطورات المتلاحقة، مع أنه لا يوجد عليه ضغط حقيقي من قاعدته الانتخابية الإنجيلية لرفع علم إسرائيلي في غور الأردن، ولن يفيده في الانتخابات إنْ أشاد بضمه، فيما صورة العزلة الدولية حول إسرائيل تزداد قتامة، مع مسارعة خصومه الصينيين لإدانة نية الضم بشكل كامل، لأنهم يعتقدون أن هذه بطاقة دخول رائعة لتوسيع مواقعهم في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، لفت يعاري، نقلاً عن مصادره الأمنيّة والسياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب، إلى أنّ نتنياهو سيقدم على خطوة الضم التي لن تغير من حقيقة الواقع، فهو يدرك أنّه يقف على أرضية قوية، وهو يدرك أنّه هو نفسه، وبكلتا يديه، قد يضحي بكل ما حققه في العقد الماضي من إنجازات مهمة في بناء الجسور مع الدول العربية والإسلامية، أمّا على صعيد القانون الدولي، فسوف يصبح الإسرائيليون مصابين بالجذام، وأمام العديد من أصدقائنا في العالم سنكون كذابين مخادعين، وتبدو إسرائيل كدولة ضعيفة، مما سيؤكد لرئيس الوزراء في النهاية أنّ الضم ليس هدفاً جيداً للغاية.
من جانبه، حذر يوفال ديسكين رئيس جهاز الأمن العام السابق (الشاباك) من أنّ تطبيق السيادة الإسرائيليّة تُعتبر خطوة دراماتيكية يمكن أنْ تقوض الأمن الجيّد نسبيًا في المنطقة، وقد تقوض معاهدات السلام مع الأردن ومصر وعلاقات إسرائيل الوليدة مع دول الخليج.
وأضاف ديسكين في مقابلة مع الإذاعة العبريّة 103FM، أن خطوة الضم يمكن أنْ تضعنا أيضا تحت ضغطٍ رهيبٍ من الدول الأوروبيّة، ومحكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي، بالإضافة إلى عوامل أخرى، والتي ستُوصلنا إلى إراقة الدماء.