بقلم /علي مرعي
بداهة يمكننا القول إن الرد الفلسطيني على «صفقة القرن» الأمريكية- الصهيونية لا يكون إلا من خلال إستراتيجية فلسطينية موحدة ، تنهي حالة الانقسام الحالية والذهاب إلى صيغ عملية تجدي نفعا ، بد الشجب والتنديد والاحتجاج الذي لا يؤدي إلى أي نتائج تذكر، وبالتالي فإن الاعتراض لوحده غير كافٍ ويصبح الأمر بعد ذلك سيان بين القبول أو الرفض.
ومن هنا فإن المطلوب من القيادات الفلسطينية السياسية والشعبية والمسلحة ، تصعيد الموقف كل بحسب إمكاناته وتفعيل لغة الغضب الشعبي عبر المسيرات والمظاهرات في كل مكان ، سواء في القدس أو غزة أو باتجاه المستوطنات للتعبيرعن الرفض النهائي لما أتى عليه الرئيس الأمريكي الذي اختزل الحق الفلسطيني المشروع بدويلة متقطعة الأوصال معدومة السيادة.
والمفارقة الوقحة التي أتى عليها دونالد ترامب ، وهو يخاطب الفلسطينيين بالقول
«إذا قبلتم بخطتي سنكون إلى جانبكم لمساعدتكم في بناء دولتكم، مضيفا أن الرؤية الأمريكية ستضع نهاية لاعتماد الفلسطينيين على المؤسسات الخيرية والمعونة الأجنبية وتدعو للتعايش السلمي، ومضى قائلا إن الفلسطينيين يعيشون في الفقر والعنف، ويتم استغلالهم من قبل من يسعون لاستخدامهم كبيادق لنشر الإرهاب والتطرف.. عن أي تعايش سلمي يتحدث ترامب ؟ وعن أي فقر وعنف يتحدث؟ وهل نسي هذا الرئيس أن ما يعانيه الشعب الفلسطيني من قهر وعذاب وتشريد هو في الأصل بفعل الاحتلال؟ ، وأيضا هل نسي هذا الرئيس أن الولايات المتحدة وعبر سياساتها المنحازة للكيان الصهيوني قد زادت من معاناة الفلسطينيين وقفت سدا منيعا أمام نيل حقوقهم المشروعة في المحافل الدولية ؟
إن الرئيس الأمريكي ومن حيث لا يدري قد أعطى الشرعية للفلسطينيين بالاتجاه نحو مقاومة الاحتلال والعودة من جديد إلى المربع الأول وهذا الاتجاه تكفله كل المواثيق والقوانين الدولية وليس أدل على ذلك من اتفاقية مؤتمر لاهاي 1899 و 1907 التي تنص صراحة على التخفيف من ويلات الحروب وإيجاد الحلول السلمية للنزاعات الدولية، واعترافها بقانونية المقاومة الوطنية ضد العدوان والاحتلال.
من هذا المنطلق فإن الشعب الفلسطيني عندما يلجأ إلى أسلوب المقاومة، فمعنى ذلك ينطلق من تلك المواثيق والاتفاقات الدولية التي تبيح له مقاومة الاحتلال بكل ما هو متاح لديه من سلاح لاسترجاع حقه المغتصب ، وليس كما يدعي السيد ترامب من أن المقاومة المسلحة قد يتم استغلالها لنشر الإرهاب والتطرف .
ولكي نكون منصفين في طرحنا لا بد من الاعتراف بأن هناك أخطاء جسيمة قد ارتكبت في الماضي ساهم فيها الفلسطينيون وبعض العرب عندما وافقوا على «حل الدولتين» ظنا منهم أن الكيان الغاصب ومن ورائه الولايات المتحدة سيعملون على الانسحاب إلى ما قبل عام 1967 ، في وقت يدركون جيدا أنه طيلة العقود السابقة كانت الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني يكرسون كل جهد لعدم تحقيق مطالب الفلسطينيين والعرب .
لقد حسم الرئيس الأمريكي المسألة سياسيا ولكن السؤال المطروح كيف ستطبق صفقة ترامب على أرض الواقع؟
الرئيس الفلسطيني وخلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة كشف عن قطع العلاقات بشكل رسمي مع الكيان الصهيوني ، كما أعلن عن قطع التعامل مع واشنطن،هذا الموقف من عباس يعتبر متقدما ويمتاز بالشجاعة وجاء كرد صارخ على الصفقة الأمريكية، ونتمنى أن لا يكون ذلك للاستهلاك الإعلامي، في وقت تسعى فيه بعض الدول العربية إلى الضغط على الفلسطينيين وبعض العرب بتبني ما طرحه الرئيس الأمريكي.