بقلم / سليم يونس
إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضى الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة»؟
أيهما الأحمق؟
« قال مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، الصهيوني جاريد كوشنر، إن القادة الفلسطينيين يبدون “حمقى للغاية” لرفضهم الفوري لما سمي بـ “صفقة القرن” التي تهدف لوضع حد للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي».
مشاكسة…نعم أتفق معك أن الفلسطينيين حمقى، بل وأكثر من ذلك…ولكن لماذا هم حمقى؟ هل لأنهم رفضوا أن يكونوا طرفا في عقد الإذعان الذي جاء في الصفقة المؤامرة؟ أم أنهم حمقى كونهم من الأساس ساروا في طريق أوسلو، وقبلوا أن تكون أمريكا عدو الشعب الفلسطيني وسيطا في الحل؟ وهل هم حمقى لأنهم رفضوا التفريط أو التنازل عن عاصمتهم القدس الشرقية والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة؟ هل حمقى لأنهم قالوا لا لضم المستوطنات ومنطقة غور الأردن؟ هل هم حمقى لأنهم رفضوا الاستلاء على 30 % من الضفة الغربية؟ هل هم حمقى لأنهم رفضوا تجريدهم من السيادة على حدوهم وسمائهم؟ هل هم حمقى لأنهم رفضوا الموافقة على حكم ذاتي في بانتوستانات تقطع أوصالهم المستوطنات والطرق والحواجز؟ هل هم حمقى لأنهم رفضوا أن يكونوا دولة منزوعة السلاح يتحكم فيها نظام عنصري مجرم؟ هل هم حمقى لأنهم رفضوا التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرارات الدولية؟ هل هم حمقى كونهم أصروا على أن تقام دولتهم على كامل الأراضي التي احتلت عام 1967؟ هل هم حمقى لأنهم أصروا على قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وتسيطر على أجوائها ومعابرها وحدودها ومواردها المائية؟ أم أن الأحمق الحقيقي هو من اعتقد ولو لواحد في المليون أن هناك فلسطينيا واحدا يمكن أن يقبل بتصفية القضية الفلسطينية عبر الصفقة التي طبخها ترامب–كوشنير–نتنياهو؟ إذا من هو الأحمق والحال هذه؟ الفلسطينيون؟ أم الصهيوني كوشنير وصهرة ترامب الذين توهموا أن صفقتهم يمكن أن يفرضوها ترهيبا أو ترغيبا على الفلسطينيين؟؟
«لعم» للتنسيق الأمني…!
« قال الرئيس محمود: التنسيق الامني مع الكيان الصهيوني مستمر ولا يوجد لدينا مانع في وقفه، وكان قد قال إنه تم تسليم رسالتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وإلى الإدارة الأميركية: «نبلغكم هنا أنه لن تكون هناك أية علاقة معكم بما في ذلك العلاقات الأمنية».
مشاكسة…هل يعتقد محمود عباس أن دور السلطة كشرطي لأمن الاحتلال يمكن أن يجلب دولة؟ ولماذا قال عباس إننا أبلغنا الكيان الصهيوني برسالة بوقف التنسيق الأمني؟ ثم ماذا يعني حديثه بعد ساعات أن التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال مستمر؟ هل يعرف عباس أن من يقرر مستقبل القضية ليس الخدمات الأمنية للاحتلال عبر التنسيق الأمني، وإنما من يقرر ذلك هو التعديل في ميزان القوى من أجل فرض التحرير أو في الحد الأدنى إجبار الاحتلال على التنازل دون قيد أو شرط؟ أليست جريمة بالمعنى الوطني قيام أجهزة السلطة الأمنية، إحباط 530 هجوما فلسطينيا مسلحا العام الماضي بفضل التنسيق الأمني مع الاحتلال، حسب شمعون شاباس المدير العام السابق لديوان رئيس حكومة الاحتلال؟ ليكون السؤال الأساس كيف يستقيم رفض صفقة ترامب مع بقاء التنسيق الأمني مع أمريكا وكيان الاحتلال؟ وهل ينطبق عليها تعبير «لعم»، أي لا فوق الطاولة، ونعم للتنسيق الأمني من تحت الطاولة؟