أحلام محمد الكميشي
مع ارتفاع درجات الحرارة صيفًا، يلجأ المواطن إلى البحر طلبًا للراحة والاستمتاع رفقة العائلة، لاسيما مع عطلة المدارس وقبل موسم دراسي جديد، رغم ارتفاع أسعار المصايف والقرى السياحية، وغياب رقابة الدولة عليها مقابل ما يُقدَّم من خدمات وفق تراخيص نافذة توازن بين الحق العام والخاص، ومن حين لآخر تتكرر حوادث تُسلّط الضوء على قضايا جوهرية: إجرائية، جنائية، اقتصادية، أمنية، وحقوقية، جميعها ترتبط بحق المواطن في الاستفادة من شواطئ بلاده، وقضاء عطلته مع أسرته دون أن يعتدي على غيره أو يُعتدى عليه، ويبرز سؤال محوري: ما مدى قدرة الدولة على وضع الضوابط وفرض احترامها، ومحاسبة من يخرقها؟
قبل أيام، قُتل طفل وأُصيب آخر في حادثة دهس بدراجة بحرية على شاطئ صبراتة، سبقتها حوادث مشابهة عبر السنوات بعدة مناطق أسفرت عن وفيات أو خلّفت إصابات متفاوتة، هذا الواقع يُجبر من يمارسون السباحة، أطفالًا وبالغين، على الاستغراق في الحذر والخوف بدل الاستمتاع، ما يُفسد اللحظة رغم ما تكبّدوه من مشاق مادية ونفسية للفوز بها، ناهيك عن الضوضاء والإزعاج الذي تتسبب فيه تلك الدراجات البحرية، ما يحرم المصطافين من الراحة، وتكرار هذه الحوادث لا يعكس فقط غياب الرقابة أو ضعف تطبيق القوانين، بل يكشف أيضًا عن هشاشة ثقافة المسؤولية لدى بعض المستفيدين من الفضاءات العامة، ومستخدمي الدراجات البحرية.
يُفترض أن تُستخدم الدراجات في أماكن مخصصة بعيدًا عن مناطق السباحة، ولمسافات يتم ضبطها ومراقبتها بما يوفر الأمان الجسدي والنفسي للمواطنين في البحر وعلى الشاطئ، ويجب أن يتم دعم الشرطة السياحية وإلزام المنتفعين بالفضاء العام من أصحاب القرى والمصايف بمنع مخالفة القوانين داخل الأماكن التي يمتلكونها أو يديرونها وتوفير معدات الأمن والسلامة والخدمات الطبية والإسعاف وفرق الإنقاذ، ويجب تنظيم امتلاك واستخدام الدراجات البحرية بإجراءات قانونية يمكن معها الحد من الجريمة وليس مجرد ضبط ومعاقبة مرتكبها، إننا لا نتحدث عن ترفٍ سياحي، بل عن حق أصيل من حقوق الإنسان في الأمن، والراحة، والاستمتاع بالمكان العام دون تهديد أو ضرر أو مضايقة.