من يملك الصحة يملك كل شئ
الدكتور علي المبروك أبو قرين
ليبيا دولة عريقة وكبيرة وغنية ، وتتميز بموقع جغرافي إستراتيجي ، الذي جعلها محط أطماع الغير من مئات السنين إلى يومنا هذا ، وزادها في النصف الأخير من القرن الماضي تمتعها بالثروات الأهم عالميا ، ومنها النفط والغاز ،ورغم كبر واتساع مساحتها الا أن عدد سكانها قليل ، ودفع أثمان باهظة في مجابهة الاستعمار ، وعانى شعبها من الإبادة والاعتقال والتهجير والنفي ، ومصادرة اراضيه وثرواته ، وعاشت الأمة أزمان قاسية من الفقر والجوع والجهل والمرض ..
وتخطت ليبيا كل هذه الحقب المريرة ، وأستقلت وتبؤات مكانتها بين البلدان والأمم ، وزال من على ترابها كل مستعمر كما زال الجهل والجوع والفقر والمرض ، ولحقت بالدول الغنية في المؤشرات التنموية وخصوصا التعليم والصحة وللأسف إن لم تُتخد الإجراءات العاجلة في إصلاح القطاعات التنموية ، وترسيخ الحماية الاجتماعية سوف يتراجع التعليم ويزداد الجهل ، وتتراجع الخدمات الصحية لتزداد الأمراض ، وتراجع كلاهما يؤديان إلى إفقار الطبقة الوسطى الشريحة الأكبر في المجتمع والتي صارت فقيرة ..
وحيث ان البلاد بها بنية تحتية صحية معقولة والأفضل في محيطها والقارة ، وتُخصص ميزانيات ضخمة للقطاع الصحي الذي لا يبرر إنهيار النظام الصحي الليبي واللجوء للعلاج في بلدان أقل قدرات أقتصادية وسعة سريرية ، واغراق السوق المحلية بالأدوية والمستلزمات الطبية المغشوشة والمزورة والمهربة ، وتنامي قطاع خاص عشوائي دون ضوابط يكاد يكون بكامله يعتمد على قوة العام ، والمرضى وذويهم في مشاق بين بازارات الصحة في البلاد وخارجها لا علاج مضمون ومدخرات تبخرت كما تبخرت أشياء كثيرة
وفي الوقت الذي لا شئ يعيق مهما كانت الظروف في
1 – توفير الأدوية والمستلزمات الأصلية من مصادرها للمرضى والمستشفيات ..
2 – تشخيص جميع الأمراض والأوبئة مهما كانت انواعها وطبيعتها .
3- علاج 95 ٪ من الأمراض الشائعة بما فيها الأورام السرطانية بكل أنواعها والأمراض المزمنة جميعها ,وزراعة الأعضاء وخصوصًا القرنية والكلى والكبد والنخاع ، ولا يوجد سبب واحد يمنع ذلك ..
4- تشغيل جميع المستشفيات العامة وتوفير الخدمات الطبية والصحية للمواطنين بالمجان ..
5- التدريب السريري الحقيقي وتحت اشراف اساتذة فعليين ومعتمدين من ارقى الجامعات العالمية وفق برامج تدريبية متخصصة تضمن تخريج متخصصين اكفاء ومؤهلين تأهيل متقدم وفي مستشفيات تتوفر فيها كل شروط التدريب السريري المعمول بها في المستشفيات التعليمية والتدريبية المعتمدة في العالم ..
6- لا شئ يمنع تنفيذ وتطبيق العمل بالرعاية الصحية الاولية وليس بمفهومها السطحي البسيط وانما بما يجب أن تكون عليه أشمل وأوسع من ماهو معمول به في الدول المتقدمة صحيًا…
7- تنفيذ خدمات الإسعاف والطوارئ على كامل تراب الوطن كما هو متوفر في احسن نظم الإسعاف والطوارئ في العالم .
8 – العمل والإعتماد على التمريض العالى العام والتخصصي والجامعي بمعاهد عليا وكليات تتوفر بهم كل وسائل وبرامج تعليم وتدريب وتأهيل التمريض في العلوم الاساسية والسريرية ..
9- تنفيذ مشروع السجلات الطبية لكل سكان البلاد مع التسجيل الوطني لجميع الأمراض وتصنيفاتها وخصائصها .
10 – حماية البلاد والعباد من جميع الأمراض المعدية وتنفيذ كامل برامج التمنيع بأفضل الوسائل لجميع المواطنين والمقيمين ..
11 – استجلاب القوى العاملة الصحية لتغطية الاحتياجات الفعلية عددا وتخصصات..
هذه ليست احلام ولا من المستحيلات ، وليبيا سباقة في زراعة القرنية والكلى وجراحة القلب والمخ والأعصاب والعمود الفقري وجراحة الفك والأسنان ، وجراحة المناظير والحروق ، والخدمات كانت في يوما ما متاحة بجميع التخصصات في المستوصفات والمراكز الصحية والمجمعات ،وأدوية أصلية ، ونظام احالة لم يسبق لغيرها عربيا وافريقيا والعديد من باقي دول العالم ، وعمل بالنظام الصحي معظم الجنسيات العربية والأوروبية والآسيوية ، وأستُقدم أشهر اطباء العالم لإجراء الفحوصات والجراحات في معظم التخصصات بالمستشفيات الحكومية التي تدرب فيها الآلاف من الأطباء الليبين المهرة والمشهود لهم الآن في الخارج والداخل ، وللأسف الشديد عندما غابت الإرادة وتدهورت الادارة وسيطرت المصالح ضاع القطاع الصحي في البحر المالح ..
وجاز فيه المثل الشعبي ( كان طاح بيت امك خود منه عمود ) ودمرنا مؤسساتنا وتكالبت علينا قوى الشر المتعايشين على ظروفنا ، والدافعين لتأزيم احوالنا ، والمتربحين من أمراضنا . في الوقت الذي لا تحتاج فيه ليبيا لاستيراد نماذج تمويلية ، أو لوصفات المؤسسات الدولية ، أو لجهود وتعاطف الجمعيات الخيرية ،أو لسوق الشهادات المفتوح الدولارية..
إن ارادوا بين أسابيع وأشهر قليلة بالإمكان توفير خدمات طبية لقطاع عريض من الناس يوفر عنهم المشقة والمصاريف الباهظة التي أرهقت العباد ..
إن تعزيز صحة الأمة والحفاظ عليها وتكوين الكوادر وتطوير قدراتها واصلاح وتطوير النظام الصحي وتمكينه من الاستجابة لكل الظروف ، وتحقيق المحددات الصحية والاجتماعية ، والمؤشرات العالمية العليا للتغطية الصحية الشاملة والتنمية المستدامة مهمة الدولة الأصلية والأساسية ولا غبر ولا غير
الصحة حياة وأساس تنموي
والنهوض ممكن وليس مستحيلًا