منصة الصباح
احلام محمد الكميشي

من يقرر أسعار الأضاحي في كل موسم؟

يسلط عيد الأضحى المبارك الضوء على خلل في السياسات الاقتصادية في بلادنا، فأسعار الأضاحي تتراوح هذا الموسم بين 3600-7000 د.ل، في حين لا يتجاوز دخل غالبية الموظفين 1500 إلى 3000 دينار شهريًا، ويكشف هذا التفاوت عمق التضخم ويفضح غياب تخطيط فعّال يدعم الإنتاج المحلي من جهة، ويسيطر على الأسعار بما يتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن من جهة أخرى، ويطرح تساؤلات جوهرية: من يقرر أسعار الأضاحي كل عام؟ وأين دور وزارة الاقتصاد والتجارة، ووزارة الزراعة، وغرفة التجارة والصناعة والزراعة؟

يئن المواطن تحت نير ارتفاع أسعار اللحوم والأضاحي بما يتجاوز قدرته الشرائية، والمربي بدوره يشتكي من غياب الدعم، فلا أعلاف ولا أدوية مدعومة، ولا جمعيات زراعية توفر المستلزمات بأسعار معقولة وتساعده في تطوير وزيادة الإنتاج وتحسين الجودة، ولا أدوات تسويق تضمن له بيع إنتاجه طول العام بشكل مجزٍ، ولا قروض إنتاجية والمصرف الزراعي خارج التغطية، ما يجعله يعتمد كليًا على المواسم والأعياد لتعويض نفقاته التي فاقمها خضوعه لأحكام السوق السوداء كل الوقت، وغياب الدولة عن دعم الإنتاج استلزم غيابها عن دعم المستهلك بالتدخل في التسعير، والنتيجة أن السوق السوداء صارت نمطًا واقعيًا لاقتصاد هش لا يستند لسياسات مالية واقتصادية حقيقية تحدد نسب الإنتاج والإنفاق وقيمة المصروفات وسقف الأسعار، وتضع ضمن أولوياتها تنمية الثروة الحيوانية وتنويعها وتحسين السلالات.

ومع تحوّل عيد الأضحى عند البعض إلى عادة اجتماعية أكثر منه عبادة، وحرص كثيرين على اقتناء أضحية لكل قادر في العائلة دون وعي بمقاصد الشعيرة أو الحفاظ على الثروة الحيوانية، يتزايد الطلب على الأضاحي، فيرتفع السعر، ويُقصى من لا يستطيع الشراء، وتنعدم الموازنة بين الإنتاج والتسويق وبين العرض والطلب، وتزيد المعاناة في ظل عجز المجتمع عن إعادة عيد الأضحى لبراح العبادة بعيدًا عن سطوة العادة.. ويتحسس رب العائلة جيبه المثقوب تحاصره أسئلة أطفاله حول شكل وحجم خروفهم دون أن تسعفه الكلمات للرد إلا بمَثل كان يسمع والديه يرددانه بصبر (قسم العيد يجي من بعيد).

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

جمعة بوكليب

” شلبوخ” تاريخي

جمعة بوكليب حِقبةُ الذكاء الاصطناعي تمثل قفزة إنسانية هائلة إلى الأمام في عالم تقنية المعلومات. …