بقلم / جمال الزائدي
الرأسمالية في أعنف تجلياتها ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية.. أفنت ملايين البشر في فيتنام وكوريا والعراق ولبنان واليمن ووو تحت شتى الدعاوى والمبررات من الدفاع عن القيم الديمقراطية إلى حماية المدنيين ..و دون أن يرف لسادتها جفن ..ولقد مارست طوال قرون وجودها كدولة يحكمها البيض كافة صنوف القهر والاستغلال والاستعباد ومحاولة الإبادة لكل المواطنين السود الذين يقطنونها..
جورج فلويد لم يكن الأول الذي تبطش به يد أمريكا البيضاء العنصرية ..وبالتأكيد لن يكون الأخير .. هناك قوافل طويلة من الشهداء الذين سقطوا طوال القرون الماضية ، ومنذ أن لامست أول سفينة رقيق رمال شواطيء العالم الجديد الذي إكتشفه قراصنة فرديناد وايزابيلا في العام 1492 م وهو للمصادفة الساخرة ذات العام الذي سقطت فيه غرناطة آخر معاقل العرب والمسلمين في بلاد الاندلس ..
الرأسمالية البيضاء لاتكره السود لأنهم سود ، كما أنها لاتكره العرب وبقية الاعراق الملونة لأنهم عرب وملونين ..لكنها كأب شرعي للنازية والفاشية ولأنظمة ” الابارتيد” ، تكره الضعف والضعفاء وتنظر إليهم كعبء زائد عن الحاجة أو كموضوع للاستغلال ..
والذين ينتظرون – على سبيل اليأس أو السخرية – سقوط الاسطورة الامريكية في مستنقع الفوضى على غرار ما حدث ضمن تجليات الربيع العربي ..لاشك أنهم فقدوا القدرة على تمييز خيط الأماني من خيط التوقعات الموضوعية ..ذلك أن أمريكا ليست دولة امبراطورية محدودة أو شاسعة الجغرافية ..لكنها مشروع عنصري إمبريالي لاتمثل فيه نخبة واشنطن الحاكمة بحزبيها الجمهوري والديمقراطي سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد ..
أمريكا لمن يمعنون النظر هي أكثر من ربع اقتصاد العالم ..وهي ليست ترامب فقط ولا آل بوش ولا آل تشيني ..انها ايضا جنرال موتورز ومصانع سيارات المحركات العملاقة في المانيا وشركات الاتصالات في الصين وسنغافورة ، وبيل غيتس ، وآل ساويرس والوليد بن طلال وأصحاب المولات التجارية الكبيرة في طرابلس وبنغازي ودبي والدوحة..وووووو
شبكة مصالح متداخلة ومعقدة تغطي كل بقعة على ظهر الكوكب ، لن تسقطها صرخات جورج فلويد او مارتن لوثر كينغ الابن المسحوقين تحت نعال شرطة مينيا بوليس ..
واذا كانت الصين الماركسية الماوية قد سحلت الطلبة في شوارع بكين بداية تسعينات القرن المنصرم ، وسط احتجاج خجول من دول العالم ، فإن أسياد الولايات المتحدة والمنظومة الرأسمالية الغربية ، الذين قصفوا مدينتين مسالمتين لايسكنهما سوي مدنيين عزل بالقنابل الذرية إبان الحرب العالمية الثانية ..مستعدون ليس فقط لنسف مدينة مينيا بوليس من الوجود بل ولاية مينيسوتا وكل من يتعاطف معها ..ولن تجد بعد ذلك من يقول للصيد فمك ” أبخر ” كما يعبر المثل الليبي ..