منصة الصباح

من مستودع الذاكرة

بوضوح

بقلم / عبدالرزاق الداهش

 كان المشهد في بلاد كرة القدم والقهوة قبل خمسة عشر عاما كارثيا بامتياز، أطفال الشوارع ينافسون القطط على صناديق القمامة، رجال الشرطة يتصيدون القطط السائبة، والأطفال السائبين في آن.

كانت حالة الفقر تشكل معدلات عالية، وكذلك البطالة تشكل. أما الإيدز فقد كان لاعبا أساسيا في شوارع البرازيل.

كان الأسوأ من ذلك هو منسوب الإحباط العالي، في بلد تكسر ظهره فاتورة خدمة الدين.

فجأة وبينما كانت تطغى نجومية ريفالدو، ورونالدو، ظهر في أخر الملعب، أو أخر النفق “لولا داسيلفا»

لم يكن داسيلفا من مخرجات المستطيل الأخضر، بل من ملعب كبير بامتداد البرازيل، بكل ما فيه من عاطلين حتى عن الأمل.

عاش داسيلفا طفولة معذبة، دخل الدراسة مبكرا وخرج منها مبكرا.

تحول من مسح الأحذية في شوارع ساو باولو، إلى غسل المركبات في محطات المدينة، جرب أن یکون بائع خضار، وميكانيكي سيارات.

فقد داسيلفا أحد أصابعه ذات مساء، أو ذات مأساة، عندما كان يعمل بأحد مصانع قطع الغيار.

دخل السياسة من بابها الضيق كمناضل عمالي، مدججا بتجربة صعبة.

لم تكن البرازيل بالنسبة له قصرا جمهوريا، كانت معركة واجبة، يتعين عليه إدارتها في كل البرازيل.

في سنوات قليلة انتشل داسيلفا أكثر من 21 مليون برازيلي من قاع الفقر، عبر برنامج «بولسا فاميليا»، وقام بتحسين التعليم لصناعة الرأسمال البشري المنتج، وخلق بيئة مناسبة للاستثمار الوطني في حقل الصناعات، وربط ارتفاع الدخل بترفيع معدلات الإنتاج.

رجل اشتراكي خرج من نادي الفقراء ليخرج البرازيل من معسكر الفقر، برهن على أن الخبير الاقتصادي هو الذي يخرج من أكاديمية الحياة، من الأرصفة المبتلة بعرق المتعثرين.

أحبه البرازيلين، وقال عنه أوباما ذات اعتراف؛ «داسيلفا إنه الأكثر شعبية في كل العالم».

خرج داسيلفا من القصر الجمهوري، ولكنه ظل في قلوب البرازيليين.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …