أحلام محمد الكميشي
خبر عادي مررته بعض المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي حول قيام مجموعة من لجنة حصين بزيارة لمستشفى الكلى بمدينة الزاوية وإجراء استبيان للمرضى لمعرفة الأعراض التي يشتكون منها وتبين أن بعضهم يعاني من السحر، والغريب الضجة التي حدثت لأنها لم تكن المرة الأولى فقد سبقتها زيارة في مدينة رقدالين منذ أكثر من سنة تقريبا ولذات الغرض ولذات النوعية من الأمراض.
ما شدني هنا هو لماذا اختيار المستشفيات وأمراض الكلى تحديدا؟ وهل سيتوقف الأمر على المستشفيات فقط أم سيتعداه للمدارس والجامعات والمعاهد والمحاكم الشرعية ومراكز الانتخابات….الخ، وما هو الإطار القانوني لهذا الموضوع ومن نافلة القول الإطار الشرعي وفق ما كان على عهد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام؟
تقديم الرعاية الطبية في المؤسسات العلاجية الليبية منظم وفق القانون الصحي رقم (106) لسنة 1973م، ووفق القانون رقم 17 لسنة 1986م بشأن المسؤولية الطبية وغيرها، وهذه القوانين تفرض مسؤوليات والتزامات على المؤسسات الصحية والعاملين فيها لأجل الهدف السامي وهو علاج وسلامة المرضى وطالبي العلاج بهذه المستشفيات والذين يجب عليهم اتباع تعليمات الفريق الطبي المعالج كأحد أهم ركائز العلاج وأحد أهم شروط قيام المسؤولية الطبية.
كيف يمكن لأي فريق وتحت أي مسمى أن يشارك الفرق الطبية في مؤسسات الدولة العلاجية العامة في العلاج واقتراح أنسب السبل وفق إجراء بحث أو استبيان، فالمرضى في المؤسسة العلاجية مسؤولية المؤسسة التي تتبع وزارة الصحة وبالتالي فهي إدارة عامة تخضع لقوانين الدولة وأي شكوى سيتم توجيهها ضد المؤسسة ومن تتبعه أي سيتم توجيهها ضد الدولة التي قد تجد نفسها في معرض تسديد تعويضات بسبب قضايا منشأها تردي الحالة الصحية لنزلاء مؤسسة صحية ما – إن حدث – بسبب اختيارهم لعلاج ليس من صميم الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسة بموجب القانون ولكنها سمحت بتقديمه داخل أسوارها ومكنت مقدميه من التعامل مع نزلائها.
ماذا لو توقف أحد المرضى عن تلقي العلاج الطبي وتوقف عن غسيل الكلى وجرّب أن يخضع لأي علاج آخر ولم يفلح الأمر وحدثت مضاعفات فاقمت المرض أو انتهت بالوفاة لا سمح الله؟ من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة في شقيها العقدية والتقصيرية على الأقل؟
السحر موجود ولا يمكن لمسلم إنكاره فقد ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، وهو علم يدخل ضمن الفتنة المؤدية للكفر، قال الله تعالى (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ).
لكن هل وجوده يبيح زيارة المرضى في المستشفيات كما حدث؟ هل يتعين علينا بدل الكشف عند الطبيب العام الذي يحيلنا للطبيب المختص للعلاج أن نستحدث مكتبًا آخر نزوره قبل مكتب الطبيب العام أو بدلا عنه لأخذ الاستشارة قبل الذهاب للطبيب المختص إن وجدت ضرورة بعد الاستشارة للذهاب إليه؟ وكيف يمكن تثبيت المسؤولية الطبية؟ وهل هذا سيكون مجانًا أم يجب استقطاع جزء من الميزانية ذات الإنفاق الموازي مجهول المصدر أساسًا للإيفاء بمستلزماته ومكافآته؟ أم سنضطر لتخفيض ميزانية وزارة الصحة والكليات والمعاهد الطبية والطبية المساعدة لأجل ما تم استحداثه في مجتمعنا؟
ثم ألا يجب أن يكون هناك تشريع وقانون ولوائح تنفيذية تنظم كل هذا بدءً من معايير مقدم الخدمة وانتهاء بالمجالات التي سيتم تقديمها فيها من صحة وتعليم ومرافق وغيرها وصولا للوسيلة والبيئة والاشتراطات وغيرها في حال تم الاتفاق عليه أم أنه سيصبح أمرًا واقعًا ودونما تشريع؟
ومجددا.. من سيتحمل المسؤولية.. طبعا من غير المواطن البسيط؟