جمال الزائدي
جارتنا الجزائر تقرر تلقيح تلاميذها ومدرسيها ضد فايروس كورونا دفعة واحدة قبل الدخول إلى العام الدراسي الجديد وهذا خيار ذكي يستحق أن نفكر فيه بجدية ..صحيح ان الأوضاع العامة في ليبيا لا تسمح بالمقارنة مع دولة مستقرة لكن بلادنا ايضا ليست فقيرة فقرا يمنع مسؤوليها من توفير الطعوم بالأسعار السوقية بدلا من انتظار صدقات بعض الدول التي تحاول التخلص من فائض مالديها قبل انتهاء صلاحيته..
لا يمكن للمرء أن ينتقد خطط الحكومة أو يقيم مدى نجاعتها في مواجهة الوباء فهذا شأن لا يفتي فيه إلا أهل الذكر حصرا ..لكن من باب الإجتهاد المفتوح على المصلحة العامة أستطيع القول أن ثمة أولويات ليس علينا تجاهلها وسط هذه الجبهات المفتوحة أمام الدولة والمجتمع الليبي..يأتي على رأسها قطاع التعليم المترنح أصلا ..فنحن على أية حال وبغض النظر عن المحنة الوجودية التي نعيشها في هذا الظرف الاستثنائي مجرد شعب يبحث عن طريق لتجاوز التخلف واللحاق بالأمم المتقدمة لذلك لا نملك ترف الإسترخاء والتوقف عن فتح مدارسنا وجامعاتتا ولو لدقيقة واحدة أسوة بدول العالم التي أقفلت منابر العلم فيها التزاما بنصائح اللجان الطبية المختصة بمكافحة الوباء ..لقد جانبنا الصواب – في اعتقادي- عندما شملنا المدارس والجامعات في قرارات الحظر الكلي الذي كان يفرض بين الحين والآخر بدعوى مواجهة الطفرات العالية لانتشار الوباء..فلقد كان بالإمكان إعطاء إجازة مفتوحة لنصف سكان ليبيا وهم تقريبا عدد موظفي الدولة الذين لايفعلون شيئا تقريبا سوى استهلاك الكهرباء والماء والبنزين وإتلاف المزيد من الأثاث المكتبي ..وكان بالإمكان فرض الإغلاق الكامل على النشاطات الخاصة كالمعامل الصغيرة والورش وسيارات الركوبة العامة ….الخ مع تخصيص تعويضات مناسبة لاصحابها تصرف من الميزانيات المكرسة لمكافحة انتشار الكورونا .. مع توفير كل الظروف اللازمة لاستمرار الدراسة بأي ثمن ..
في ظروف قاهرة كهذه يمكن لأطفالنا وشبابنا المضي قدما نحو المستقبل وهم يعيشون في ظل انقطاع شبه دائم للكهرباء والماء واقتصاد غير مستقر وانقسام مؤسساتي وتطاحن سياسي وحروب تشتعل بلا مقدمات ولامبررات .. يمكنهم ان يتسللوا عبر الخراب والدمار ليصلوا ذات يوم إلى تخوم الشمس والخلاص ..لكن ذلك بأية حال لن يتم بدون مدارس وتعليم منتظم.. بيعوا النفط مقابل اللقاح..أو أستلفوا من البنك الدولي أو أوقفوا صراعكم لحظات المهم اجلبوا اللقاح لمدرسينا وتلاميذنا كي تظل أبواب الأمل مشرعة..