منصة الصباح
ملتقى النص المعاصر  يثير التساؤلات بين الإبداع البشري والآلة

ملتقى النص المعاصر.. يثير التساؤلات بين الإبداع البشري والآلة

خلود الفلاح

احتضنت مدينتا قربة وتازركة من ولاية نابل التونسية فاعليات الدورة الثانية من ” الملتقى العربي للنص المعاصر”، وذلك في الفترة من 23 إلى 25 من هذا الشهر، تحت شعار “المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود”.  وهو شعار لا يقترح فقط كبنية لغوية أو رمز بلاغي، بل كإعلان شعري عن ضرورة مساءلة الذات، واللغة، والعالم، في خضم التحولات التي يعيشها الإنسان اليوم، لا سيما تحت ضغط التكنولوجيا وتسارع الذكاء الاصطناعي.

هذا الملتقى الذي يأتي في سياق ثقافي وفلسفي يسائل معنى الكتاب الشعرية اليوم، وسط عالم تعيد فيه التكنولوجيا تشكيل اللغة والوعي الإنساني. لا يسعى المنظمون إلى إعادة الشعر إلى المنبر، بل إلى استنطاقه كتمرين على البقاء في مواجهة عالم هشّ، يتجه أكثر فأكثر نحو الاصطناع والتفكك.

افتتح الملتقى بمعرض جماعي للفنون التشكيلية، وورشة تفاعلية بعنوان ” مرئيات شعرية”، وعرض شعري موسيقي تعبيري بعنوان “اختراع العالم”، ثم تكريم لذكرى الشاعر الراحل محمد الغزي عبر عرض فيلم وثائقي وتقديم ديوانه المترجم “هل لي بباب الأحبة من ماء”.

وبدأ اليوم الثاني من الملتقى بافتتاح المعرض الفوتوغرافي “سيرة ومسيرة” عن المفكر التونسي الراحل محمود المسعدي.

هذا الملتقى شارك فيه من المغرب الشاعر محمد العربي غجو، ومن الجزائر الشاعر ميلود حكيم، ومن ليبيا الشاعرة خلود الفلاح، وشارك من تونس شعراء من ولايات مختلفة، وهم الشاعرة لمياء المقدم، والشاعرة سلوى القلعي، والشاعر عبد الواحد السويح، والشاعرة ريم القمري، والشاعرة دنيا الزرلي، والروائية والشاعرة فاطمة بن محمود والشاعر سعيف علي، والشاعر معز ماجد، والشاعرة زهرة_القاضي.

ورافقت القراءات الشعرية فقرات موسيقية للفنانين أنيس بن كريم، يوسف داود

القصيدة في مواجهة القبح

قال رئيس الملتقى الشاعر محمد العربي: القصيدة، اليوم، تواجه عالماً لا ينتظرها، ولا يحتاجها، لكنها تكتب من داخل هذا اللاجدوى، بوصفها تمرينًا على البقاء الإنساني في عالم آخذ في فقدان ملامحه. مستطردا “يستنطق الملتقى التجارب_الشعرية من تونس و  سوريا و ليبيا و الجزائر، فهو لا ينعزل عن زمنه، بل يسعى بوعي نقدي إلى توظيف التطور التقني والذكاء الاصطناعي في خدمة الكتابة والكتاب. لا من باب الترويج السطحي أو التباهي الرقمي، بل عبر التفكير الجاد في كيفيات تقديم النصوص، وتوسيع دوائر التلقي، وجعل التقنية جسرًا لا فاصلًا. هكذا يتحول الشعر إلى فعل تجديدي، يتفاعل مع الوسائط الجديدة دون أن يتنازل عن جوهره. الإنصات إلى الكائن الهشّ، في داخله وفي العالم”.

ويرى محمد العربي، أن الاشتغال المزدوج ـ بين التأمل العميق في أسئلة الشعر والرهان على آفاق التكنولوجياـ    يمنح للملتقى طابعًا استثنائيًا، ويجعل من نابل فضاءً مُلهِمًا لورشة وجودية وجمالية في آن. فتصبح القصيدة مجالًا لإعادة اختراع الذات، لا فقط باللغة، بل أيضًا بوسائط عرضها، وإمكانيات وصولها، وسُبل ملامستها للقارئ المعاصر.

وقدم الناقد التونسي لطفي الشابي، مداخلة نقدية حول ” الكتابة في زمن الذكاء الاصطناعي والوجود الهش”، تحدث فيها عن أن الشعر في عصر الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى المجاز الصوفي ليذكرنا أن المعنى لا يولد بالتحليل، بل بالانخطاف. وأن القصيدة الحقيقية لا تقرأ، بل تقام كما يقام طقس المحبة.

ومن هذه الجهة تتأكد الحاجة إلى الشعر. ففي عصر الذكاء الاصطناعي، حيث تنتج النصوص بطريقة آلية، ويقاس الابداع بالخوارزميات، تبرر الحاجة إلى الشعر أكثر من أي وقت مضى. لأن الشعر هو ما لا يمكن برمجته. هو ذلك الانزياح الفريد في اللغة، تلك ” الفجوة الوجودية”.

وتحدث لطفي الشابي عن أن الذكاء الاصطناعي قد يستطيع أن يحاكي الحالات الشعورية بطريقة مبهرة في طريقة تصويرها، لكنه يفعل ذلك بطريقة النسخ واللصق والتلفيق والترديد. ثم إنه لا يعيش تلك الحالات. لا يعرف معنى الألم، ولا الحب، ولا الغربة. و #القصيدة_الحقيقية تنبع من تجربة جسدية وعاطفية وفكرية، من جسد يتألم ومن لغة تقاوم.

وأضاف: ” الشعر اليوم فعلا مضادا للسرعة، للاستهلال، للبرمجة. هو تمرين على الإصغاء، على الصمت، على الجمال غير النفعي”.

وأختتم ملتقى النص المعاصر بقراءات شعرية وحفل موسيقي للفنانة مريم العبيدي وتكريم للضيوف في لحظة احتفالية توثق لحوار النص العربي وتعدد رؤاه في مواجهة تحوّلات الزمن الراهن

شاهد أيضاً

دراسة حديثة: خسارة الوزن في منتصف العمر مفتاح لحياة أطول وأكثر صحة

دراسة حديثة: خسارة الوزن في منتصف العمر مفتاح لحياة أطول وأكثر صحة

كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة “JAMA Network Open” أن فقدان الوزن بمعدل 6.5% بشكل …