منصة الصباح

فنون السرد العربي

مفتاح قناو

يقولون بان الشعر ديوان العرب وان القص فن وافد على العربية، لكن كثيرا من النقاد العرب يرجعون نسبة الرواية والقصة القصيرة وكل الأجناس السردية الحديثة إلى أجناس وأشكال سردية أخرى عرفها الأدب العربي القديم، مثل أخبار الشطار، والمقامات، وأيام العرب، والملاحم والسير الشعبية، مثل سيرة عنترة العبسي، والسيرة الهلالية، وسيرة ذات الهمة، والزير سالم وفي العهد المملوكي سيرة علي الزئبق وذليلة وغيرهم.

فهل هذه حقيقة أم أن هذه المسالة تحتمل العديد من التأويلات، فالقول بان العرب قد اخذوا القصة القصيرة أو الرواية عن الغرب فيه الكثير من التجني، لكننا نعتقد أن ظهور أي جنس أدبي جديد يكمن في التقاء حاجتين، أحداهما فكرية والثانية جمالية، ويكون التقاءهما في مفترق طرق معين ومحدد، يجعل من الشكل الجديد المنتج من خلال هذا الالتقاء جامعا بين كل ما هو فكري، وكل ما هو جمالي بشكل متناسق، وان يكون هذا الدمج ملائما لكليهما صانعا نصا سرديا جديدا.

فهل نحن سلفيون في مجال القصة أيضا؟ لأننا نرغب في رد كل شيء إلى ماضينا العربي ونتبنى الخطاب السلفي حتى في مجال الأدب والإبداع والنقد، وهنا ينبغي القول بأن البعض الأخر يرى في اخذ العرب لهذه الأجناس، الرواية والقصة القصيرة وغيرها من الغرب هو نوع من التغريب، لكن ما يهم فهمه هو أن الأجناس الأدبية لا تصمد أمام الزمن لان المبدع قلق ولا يرضيه شيء، والقلق أهم سمات الإبداع، ومرور فترات من الزمن تجعل المبدع يحاول تغير طريقة إبداعه وأساليب كتاباته.
وعند الحديث عن الأجناس السردية أول ما يتبادر إلى الذهن الفرق بين الرواية والقصة القصيرة فالقصة القصيرة يعرفها بعض النقاد القدماء بأنها عمل روائي نثري يمكن قراءته في نصف ساعة أو يزيد قليلا.

أما النقاد الأكثر حداثة فلم يعجبهم هذا التعريف فمسألة الطول والقصر ليست الفيصل في التفريق بين الجنسين، فكان الرأي ( إذا كان طول الرواية هو الذي يحدد قالبها، فإن قالب القصة القصيرة هو الذي يحدد طولها ) لذلك رفض الكثير من النقاد معيار الطول و القصر للتفريق بين أنواع القصة.

وذكر عباس العقاد على سبيل المثال أن أهم الفوارق في نظره هو أن الموقف الواحد هو الموضوع الغالب على القصة القصيرة، بينما يرى أن رسم الشخصية هو الموضوع الغالب في الرواية، لكن العقاد في آرائه لم يعط باقي العناصر الأخرى حقها.

ويرى بعض النقاد أن مسألة الطول هامة جدا بالنسبة للقصة القصيرة وأن هذا القصر هو الذي كان داعما هاما للقصة، وساعد في انتشارها بواسطة نشرها في الصحف اليومية والصحف السيارة، ومما ساعد في انتشارها أيضا حالة الكسل العقلي والتعلق بالصورة المؤثرة التي تحتوي عليها القصة القصيرة على عكس الرواية الطويلة.

شاهد أيضاً

مُشاركة ليبية في كتابٍ عالمي حول ثقافات السلام

  شاركت عميد كلية اللغات بجامعة بنغازي “د.هناء البدري”، رفقة أخريات من فلسطين، والسعودية، وبريطانيا، …