منصة الصباح
د. مجدي الشارف الشبعاني

مفارقة السلطة في ليبيا

تُعطّل الدساتير وتُمرر الميزانيات

———-
يُقال إن الاستفتاء على الدستور أو إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا غير ممكن بسبب “وجود حكومتين”، و”عدم توحيد المؤسسات”، و”ضرورة إنهاء الانقسام أولًا”…

لكن المفارقة التي لا يمكن إغفالها أن:

نقل صلاحيات الباب الرابع (باب التحول والتنمية) من الحكومة إلى صندوق لا يخضع للرقابة البرلمانية أو القضائية، لم يُواجه بأي اعتراض حقيقي!

كيف نفسر هذا التناقض؟

• حين يكون الأمر متعلقًا بإرادة الشعب وصوته عبر صندوق الاستفتاء، تُطرح الذرائع؛

• وحين يكون الأمر متعلقًا بالمال العام والسلطة المالية والصناديق السيادية، تُمرر القرارات في مشهد مسرحي بلا مساءلة.

تم اعتماد ميزانية للصندوق المُسمَّى “صندوق إعادة إعمار ليبيا” بعيدًا عن التوافق السياسي المنصوص عليه في المادة (15) من الاتفاق السياسي، ودون نشر تفصيلي لمشروعاته، أو الخضوع لأي محكمة حسابات أو ديوان رقابة مالية..

فأين كانت كل هذه الحُجج حين تم:

• التصرف في مليارات الدنانير،

• نقل اختصاصات وزارية إلى كيانات غير خاضعة للرقابة،

• الإنفاق خارج مظلة قانون التخطيط والتنمية؟**

إذا كان وجود حكومتين يعرقل الدستور، أفلا يعرقل نقل المال العام خارج رقابة الدولة؟

إذا كان “الانقسام” يمنع توحيد مؤسسات السيادة، أفلا يمنع أيضًا إنشاء صناديق سيادية بلا رقابة موحدة؟

أم أن وحدة الدولة لا تُطالب إلا حين يُستفتى الشعب، أما حين تُهدر ثرواته فالأمر قابل للتجاوز؟

هذه المفارقة تكشف أن ما يُعطّل اليوم ليس فقط مسار الدستور، بل إرادة التأسيس الحقيقي لدولة القانون.

أما مسرح القرار، فقد بات يمتلئ بالمشاهد، لكن لا يُنتج إلا الفراغ.
———
د. مجدي الشارف الشبعاني
أستاذ القانون العام – مستشار قانوني

شاهد أيضاً

د.علي المبروك أبوقرين

الأضحية بين الأمس واليوم

د.علي المبروك أبوقرين في أقل من مئة عام عاش أجدادنا وابائنا ونحن وابنائنا على أرض …