د . المهدي الخماس
الطب حرفة لها خصوصياتها من قبل ميلاد المسيح الى الآن. حرفة لها أخلاقها وتقاليدها وفنها وأخطائها والجميع يعول عليها في الحفاظ على الإنسان والحيوان والسياسة والإقتصاد. في ليبيا لسنا بإستثناء. مقارنة بدول أخرى لدينا إنجازاتنا ولدينا مشاكلنا. أولى كلياتنا لتعليم الحرفة تجاوز عمرها نصف القرن ومؤسستنا المسؤولة عن إمتحان المتدربين وإعطائهم الترخيص التخصصي لم تصل ربع قرن بعد. ونحن في مفترق طرق والخوف أن نضل الطريق. الخوف ان نضل طريق تعليم هذه الحرفة ونقلها من جيل الى أخر ليستمر ويطور ويبدع.
حرفة الطب بعد التخرج من الجامعة تمارس وتطبق داخل المستشفيات والمؤسسات الصحية وليس بمباني الجامعات. الإخصائي الحاصل على بورد التخصص يمارسها ويعلمها لغيره. الإخصائي نطور مهاراته لتحتوي أخلاق المهنة والإحصاء الطبي وطرق التعليم الطبي ومبادئ البحث ليبدع لنا في المجالات والرسائل الجامعية الثلاثة. الرسائل الثلاثة هي خدمة المرضى وتعليم الطلبة والأطباء والبحوث الطبية. الرسائل الثلاثة تتوفر بكفاءات متفاوته في الشخص الواحد. وعند وضع حرف أ.د. امام الإسم يجب أن تعني الكثير.
اذن ماذا تعني الماجستير أو الدكتوراة؟ تعني البحث وتعني التفاصيل الدقيقة حتى تصل الى الإجابات التي تدخلك في أسئلة أخرى والبحث عن إجابات لها. فالدكتوراة لن تصنع منك أخصائيا كفء لتمسك المشرط وتزيل الورم من الكبد أو الأمعاء الا اذا الحقت بها تدريبا كافيا لعدة سنوات وتحصلت على شهادة البورد بعد اجتياز الامتحان المطلوب. انتبه القياس بالسنوات وليس السيمستر. الدكتوراة لاتجعل منك أستاذا تستطيع شرح المعلومة لغيرك إلا إذا الحقت بها كورسات تدريب على طرق التعليم.
ولهذا عندما يفتي في التعليم الطبي التخصصي حامل الدكتوراة دون الحصول على شهادة التدريب والبورد فالأمر جلل وسينتج جيلا من الأطباء المعاقين. الأطباء الذين لايفقهون في تشخيص الأمراض ولايعرفون علاجها ولايستطعون تعليم غيرهم أو القيام بالبحوث اللازمة للتطوير والتقدم.
الماجستير والدكتوراة أمور بحثية ونحتاجها بدون أي شك. ونحتاج من يدرب حامليها طرق البحث والإحصاء والأخلاق والإبتعاد عن السرقة الفكرية وغيرها. والبورد نحتاج تزويدها بمبادئ البحث الطبي والأخلاق الطبية والإحصاء الحيوي وطرق التعليم الطبي وغيرها. ومن يود الحصول على المساران ويصبر السنوات للتحصيل الصحيح فمرحبا.
وجود الطبيب الأستاذ الكفء يتطلب البورد ويساهم في خلق الثقة في المنظومة الصحية. وجود حامل الماجستير سافيا أكمامه في مجال البحث العلمي أو مضيفا الى شهادته التدريب الكافي سيساهم في الإنتاج البحثي والتطوير. ياسادة تونس تركتنا في غبار الطريق في عدد الأبحاث الطبية المنشورة ولاتشترط الدكتوراة على أستاذ الجراحة. وأمريكا التي سبقتنا بأكثر من 100 في التعليم الطبي لاتشترط الماجستير أو الدكتوراة على أستاذ الجراحة أو غيره من الممارسين السريرين. ياسادة انتبهوا واستثمروا في مؤسساتكم بدل إنشاء مؤسسات جديدة والبداية من الصفر بقيادات فاقدة للشئ وبالتالي ليس لديها ماتعطي. مسؤولية أمام الله وامام أنفسكم وأهلكم وأحفادكم.