يحضر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبقوة في مجريات الحملة الانتخابية التي تشهدها بريطانيا استعدادا للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها يوم 12 ديسمبر المقبل. وهذه المرة استحضره زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن حين كشف عن مفاجأة من العيار الثقيل.
فقد خرج كوربن على وسائل الإعلام بما قال إنها وثائق سرية تقع في 451 صفحة وتوضح مختلف مراحل المحادثات التجارية بين الحكومتين البريطانية والأميركية إذا تم خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وأبرز ما أظهرته الوثائق هو طلب الجانب الأميركي أن تضع بريطانيا قطاعها الصحي الوطني على طاولة المفاوضات التجارية، مما يعني إمكانية فتحه أمام الشركات الأميركية للاستثمار.
وأثار الخبر جدلا إعلاميا وشعبيا واسعا لأهمية النظام الصحي الوطني، الذي يعرف اختصارا بـ”أن أتش أس”، في حياة البريطانيين، والذي يعد أحد أهم محددات اختيار الناخب البريطاني للحزب الذي سيمنحه ثقته، مع تعالي الأصوات المطالبة بإصلاحه.
ويؤكد كوربن أن وضع القطاع الصحي في سلة المفاوضات بين لندن واشنطن يأتي بعدما تم الاتفاق فعليا بين الطرفين على توقيع عقد لتمديد صلاحية تصنيع بعض الأدوية وخصوصا الأدوية المخدرة.
وأدى ذلك وفقا لزعيم حزب العمال إلى “ارتفاع صاروخي في أثمان الأدوية وخصوصا المخدرة منها، وهذا يضع حياة الناس على المحك وسيكلف البلد مليارات من الدولارات”.
وتظهر دراسة أعدها حزب العمال عن تأثير الاتفاق بين الحكومتين بشأن براءات تصنيع الأدوية أن دواء يسمى “هوميرا” يبلغ ثمنه حاليا في بريطانيا 1500 دولار بينما يصل ثمنه في الولايات المتحدة 8500 دولار، مما يعني وفقا للدراسة أن سعره سيتضاعف مرات عدة إذا فتح الباب على مصراعيه أمام شركات الأدوية الكبرى.
ويعبر كوربن عن قناعته بأن الولايات المتحدة لم تكن لتقبل بتوقيع اتفاق للأدوية ما لم تكن قد حصلت على تعهد ببيعها بالأثمان نفسها في السوق البريطانية.
ووجه زعيم حزب العمال انتقادات لاذعة لخصمه السياسي زعيم حزب المحافظين بوريس جونسون، متهما إياه بالكذب على الناخب البريطاني وتحويل الصحة العامة البريطانية إلى سلعة يتم بيعها للولايات المتحدة، خصوصا مع الحماسة الكبيرة التي يظهرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعقد اتفاق تجاري مع المملكة المتحدة فور خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقد قال مرارا إنه سيوقع مع لندن “أعظم اتفاق تجاري في التاريخ”.
بالكثير من التهوين استقبل حزب المحافظين الكشف عن وثيقة المفاوضات بين بريطانيا والولايات المتحدة والتي انطلقت منتصف سنة 2017. وأعلنت الحكومة البريطانية أن جزءا كبيرا من الذي كشف عنه كوربن تم نشره في المواقع الرسمية منذ أشهر.