في مثل هذا اليوم من عام23/اكتوبر من عام 1911، خاض المجاهد سليمان باشا الباروني ثالث معاركه ضد الغزو الإيطالي، في معركة الهاني وشارع الشط، إحدى أبرز المعارك التي شهدتها طرابلس في بدايات الاحتلال الإيطالي لليبيا.
قاد الباروني المعركة بمشاركة القائد نشأت بك وعدد من المجاهدين من جبل نفوسة وطرابلس، في مواجهة جيش إيطالي قوامه نحو 20 ألف جندي بقيادة الجنرال كارلو كانيفا، بينما لم يتجاوز عدد المجاهدين الليبيين أربعة آلاف مقاتل، بإمكانات بسيطة وأسلحة محدودة.
ورغم هذا التفاوت الهائل في العتاد والعدد، سطّر المجاهدون الليبيون بطولة نادرة، كبّدوا خلالها العدو خسائر فادحة بلغت 374 قتيلاً بينهم 12 ضابطاً، فيما استُشهد من صفوفهم نحو 170 مجاهداً، أغلبهم من أبناء جبل نفوسة الذين شكّلوا العمود الفقري للجبهة.
كانت إيطاليا تسعى من خلال هذه المعركة إلى تحقيق نصر سريع يرسّخ وجودها في طرابلس ويعيد هيبتها العسكرية بعد مقاومة الليبيين العنيفة، إلا أن صمود الباروني ورجاله أفشل خططها، وأجبر قواتها على التقهقر والانسحاب المؤقت قبل أن تعيد تنظيم صفوفها لمعركة عين زارة اللاحقة.
ورغم أن معركة الهاني تُعد منعطفاً حاسماً في مسار المقاومة الليبية، إلا أن التاريخ الرسمي كثيراً ما همّش دور الباروني، ولم يُنصفه في السرد الوطني كما أنصف غيره من القادة، رغم أنه كان رمزاً للوحدة والجهاد الوطني ومثّلت معاركه نموذجاً في القيادة والتضحية والإصرار.
تبقى معركة الهاني صفحة مضيئة في تاريخ الجهاد الليبي، وشاهداً على شجاعة الرجال الذين واجهوا الاستعمار بقلوب مؤمنة وإرادة لا تُقهر، فخلّدوا أسماءهم في ذاكرة الوطن رغم محاولات النسيان.