منصة الصباح

معركة أٌحد بين الأمس واليوم

وافق يوم أمس السبت 23 مارس ذكرى معركة (أحد) التي وقعت في السابع من شوال من العام الثالث للهجرة الموافق ليوم السبت 23 مارس سنة 625م، هذه المعركة دخلها المسلمون وهم واثقون من النصر فمنذ عام خاضوا معركة (بدر) ونصرهم الله نصرًا كبيرا وغير متوقع بالنظر لحجم جيشهم وجيش عدوهم، وأمدهم الله بجند من الملائكة وشهدوا مصرع كبار سادات قريش وعادوا مجبوري الخاطر وسمعت قبائل العرب أن القلة المستضعفة قد انتصرت نصرا ساحقا وأن الدين الجديد صار منيعًا.

لكن الأمر في (أحد) مختلف فقريش تطلب الثأر لقتلاها في (بدر) ولكل أمر يقضيه الله حكمة، فوزع رسول الله عليه الصلاة والسلام الجيش وأمر أمهر الرماة بالتزام الجبل وعدم التدخل في المعركة مهما كانت نتيجتها، وفي نفس الوقت كان فريق آخر من أمهر فرسان قريش يترقب أيضا ولم يشارك في المعركة، حسابات عسكرية وفق استراتيجيات ذلك الوقت، وما كان لفرسان قريش ان يفلحوا في مخططهم لولا معصية جل الرماة الذين فضلوا الغنيمة على الالتزام بأوامر الرسول وظنوا أن المعركة انتهت، لكن تهاونهم جعلها تستمر مجددا ووقع الجميع في كرب عظيم وامتحان أعظم، وذاق المسلمون مرارة الهزيمة حينًا من الوقت واستشهد عدد كبير منهم يتقدمهم سيد الشهداء “حمزة بن عبد المطلب” وتحققت رؤيا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

المنطق كان يؤيد نزول الرماة لأجل الغنيمة، والحكمة التي جهلها من نزل كانت تقتضي عدم النزول والالتزام بتعليمات النبي، وما أحوجنا عندما نستذكر مثل هذه الأحداث ألا نتوقف فقط عند الحدث وأن نتجاوزه للحكمة والعبرة والدروس المستفادة، فليس كل ما يبدو منطقيا صحيح إن كان هناك نص أو أمر شرعي يخالفه، وشرعي هنا المقصود بها هو ما نزل من القرآن الكريم وما ثبت من صحيح سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام والمتوافق مع القرآن الكريم.

وعلى سبيل المثال نحن نصوم شهر رمضان كما صامه رسول الله، وبالرغم مما يكتشفه العلم تباعًا من فوائد الصوم إلا أننا لم نؤت من العلم إلا قليلا وتظل دوما هناك حكمة لا يعلمها إلا الله، والصوم نفسه يعطي للمرء فكرة أنه قوي ويمكنه الاستغناء عما كان منذ أيام من الضروريات، وأن على المسلم أن يتبع التعليمات الإلهية بدقة تامة ومسألة الرزق على الله، وعلى مائدة الإفطار أطباق من صنع البيت وأخرى هدية وتكفي الإنسان وجبة واحدة أو وجبتين ولا أحد يبيت بدون عشاء، هذا يعني أنه لا مبرر لأكل أموال الناس بالباطل ولا عذر لمن يلهث وراء الدنيا بكل ما أوتي من قوة تؤهله ليكون وقودا لجهنم، وكل الذين قد يدعي أنه تجاوز لأجلهم وفي مقدمتهم أولاده سيحاول في الآخرة أن يفتدي نفسه بهم من العذاب.

في مثل ما نمر به من ظروف اقتصادية صعبة وتباين في المواقف والتصريحات وترنح ما بين الأمل واليأس وتصفية للحسابات السياسية على حساب المواطن الذي يتسقّط أخبار ديناره في معركته مع الدولار محصيا ما احترق من مدخراته مقلبا وجهه في الأرجاء تارة صوب الرقابة وتارة صوب المحاسبة وتارة صوب القضاء متخوفًا من القادم واقفًا على جبل من المسؤوليات والالتزامات، والنوائب تتربص به تنشد التفافًا قاتلا يمدد المعركة ويطرحه أرضًا، وعليه أن يجاهد نفسه ويلزمها بإطاعة الأوامر الصارمة بإدارة ظهره لأية غنائم والصبر على ما يرى وما يكره ممتثلا لقول الله تعالى (وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا (2) وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا).

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

يعطي بنته ويزيد عصيدة

جمعة بوكليب زايد ناقص لم يكن في حسباني، يوماً ما، أنني سأتحوّل إلى كاتب مقالة …