منصة الصباح

مصر ودول الخليج : نهاية شهر العسل

بقلم: علي الدلالي

يبدو أن حبات عقد شهر العسل بين مصر والسعودية وعدد من دول الخليج الأخرى انفرطت وتناثرت وبدأت تعصف بها رياح تضارب المصالح والمتغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.

بالفعل، شن كتاب سعوديون مقربون من القصر السعودي ودوائر صنع القرار في المملكة حملة غير مسبوقة ضد الجيش المصري وسيطرته الفاشلة على حركة الاقتصاد في مصر، وتطورت هذه الحملة لتطال فيما بعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشخصه ومصر الدولة والتاريخ.

وغرد الكاتب خالد الدخيل على تويتر فكتب يقول:” ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952. انكسرت في يونيو 67 وتبخر وهج 23 يوليو كما عرفه المصريون والعرب. لكن سيطرة الجيش على السلطة وعلى اقتصاد مصر لم يسمح ببديل سياسي اقتصادي مختلف”.*

وذهب بعض الكتاب السعوديين منهم تركي الحمد إلى شيطنة تاريخ مصر منذ ثورة 23 يوليو وحتى اليوم في ظل حكم الرئيس السيسي، حيث كتب في بداية الحملة يقول:” مصر المزدهرة قبل عام 1952، ومصر الطموحة بعد ذلك التاريخ، وينقسم المراقبون إلى مؤيد ومعارض لهذا النموذج أو ذاك. في المقابل، هنالك مصر بواقعها الحالي، أي مصر البطالة، وأزمات الاقتصاد والسياسة ومعضلات المجتمع وتقلباته الجذرية العنيفة التي لا تنتمي لأي نموذج، ملكيا كان أو جمهوريا”.*

لم تأت الحملة السعودية دون موافقة القصر الملكي في الرياض، في اعتقادنا، بل جاءت بتوجيهات محددة ومن رأس السلطة في السعودية الذي يمثله ولي العهد محمد بن سلمان لأنها ببساطة استهدفت رأس النظام المصري، الرئيس السيسي وذراعه العسكرية والأمنية والمخابراتية والإقتصادية، الجيش المصري. لكن السؤال لماذا، ولماذا هذا التوقيت؟

يمكن استخلاص الجواب عن سبب وتوقيت الحملة السعودية من مقال لصحيفة فايننشال تايمز الأمريكية، الأسبوع الماضي، دعا كاتبه الرئيس السيسي لتحفيف سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري مؤكدا أنه رغم الوعود المتكررة للرئيس المصري فإن “ملايين من الشعب المصري يعانون من نقص الطعام أو يكافحون لوضعه على الطاولة، في وقت تراجعت فيه قيمة الجنيه المصري لأدنى مستوياتها”، محملا المسؤولية دون تردد إلى الرئيس السيسي حيث قال إن “نظام السيسي الاستبدادي هو المسؤول بشكل بارز عن الأزمة التي يعاني منها المصريون اليوم، فهو نظام عاش على أكثر مما يملك”.

الإشارة الأمريكية في “فايننشال تايمز” ليست جديدة إذ سبق لصحيفة “واشنطن بوست”، التي تعكس وجهة نظر الحكومة الأمريكية، أن حذرت عام 2014، بعد عام فقط من استيلاء السيسي على السلطة، من سيطرة الجيش المصري على إقتصاد البلاد.

إن ضغوط دول الخليج على مصر بعد أن ملت، فيما يبدو، من منح ” الهبات والصدقات”، من جهة، وضغوطات سد النهضة الأثيوبي، من جهة أخرى، وتململ الشارع المصري، قد تدفع السيسي وجنرالاته إلى التفكير، في ظل استمرار أحلام المشير خليفة حفتر بالسلطة المطلقة، في توسيع خطوطه الحمراء من القرضابية والجفرة إلى الوطية.

حذار مجددا من مصر السيسي، وحذار أيضا من الرهان المفرط على أنقرة، فالسياسة لا دين لها، وبالتالي يمكن على خلفية تفاهمات بشأن المياه الاقتصادية وغاز شرق المتوسط، وهو أمر محتمل، أن تبيع تركيا كما سبق أن باعت تركيا العثمانية في أوشي (سويسرا). ولا أدري لماذا تراءت أمامي هنا صورة الطاولة التي جمعت في 18 أكتوبر 1912، من الجانب العثماني، محمد نبيه بك ورمبولغيون فخر الدين بك، ومن الجانب الإيطالي، بيترو بورتيليني، جيودي فوسيناتو وجوزيبي فولبي، الموجودة في المتحف السويسري.

————-

*من صفحة الكاتب

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …