فتحية الجديدي
مررت بعارض صحي الزمني, ألزمني الدخول إلى إحدى العيادات التخصصية الخاصة, بعد أن باءت محاولاتي للحصول على علاج فعال من المراكز الصحية “الحكومية” بالفشل.
وسأعود القهقري لحظات قبل توجهي لمصحة خاصة, عندما فشل مرهم “الفيوسيدين” في إيقاف ألم ألمّ بي طيلة الليل, وجعل اتباعي لمشورة شقيقتي بالتوجه إلى عيادة “بعينها” ضرورة لا اختياراً.
وهناك عشت لحظات بين مطرقة الألم وسندان المقايضات, التي تضع “الصحة مقابل المال”, حيث كانت البداية بالاستقبال, الذي استحال إلى مكتب خزينة, دفعت عندها 50 ديناراً مقال “كشف عام”.
ثم جاء الدور “اللطيف الوحيد”, للطبيب, الذي جمع بين مهارته في مهنته وحنوّه الأبوي, ونصحني بضرورة الخضوع لجراحة فوراً .. وعندها وضع رأسه في الجهاز ليتساءل بخجل” هل تملكين ثمن العملية وتستطيعين الدفع ؟” ليتصل بموظفي الاستقبال للاستفسار عن القيمة الكاملة مع الإجراءات الطبية المصاحبة, ثم يعاودني الحديث قائلاً : “المبلغ 1500 دينار”.
وافقت على الفور لشدة الوجع الجسدي, وسارعت بجلب المال ” عبر تصرفي بأحد متعلقاتي”, ثم يممت مجددًا شطر العيادة, وهناك بدأت محاولة أخرى لامتصاصي “مادياً”, بإجراء تحاليل استهجنها الطبيب في حد ذاته, ورأى أن “لا فائدة منها”.
صعدت للدور الثالث وأدلفت غرفة هناك, واستسلمت لأفكاري بينما كان الفريق الطبي يجهز للجراحة, شاكرة الله على ما منحني من نعم.
انتهت الجراحة على خير, بفضل طبيب أشكر له مهنيته العالية ومعاملته الراقية, لتبدأ قصة أخرى مع المسؤولين بالعيادة, الذين أصروا على الإيواء, ولم يكونوا أسخياء حتى في منحي مسكنًا للألم تلك الليلة.
كانت محاولاتهم لإيوائي محاولة لسجني تحت مسمى طبي, ولسان حالهم يقول “مصحتنا سجن لا يخرج نزيله إلا مقابل فدية”.
وما دفعني للحديث هكذا أن جل المصحات الخاصة قد باتت على هذا النموذج, واقتصر همها على استنفاد الأموال من جيوب قاصديها.