جمال الزائدي
في كتاب للروائي والأستاذ الجامعي ماريو فارغاس يوسا يتوجه من خلال سطوره إلى شاب افتراضي ينوي امتهان الكتابة ويلقي إليه بجملة من النصائح والتوجيهات المهنية ..يقول مامعناه ان نجومية وشهرة الكاتب لاعلاقة لها في الغالب بقوة موهبته واصالتها وأنها صناعة مختلفة و منفصلة تستدعي موهبة أخرى ..
الأمر وما فيه كما يذهب البيروفي الحائز على نوبل للآداب في تشاؤمه المنطقي ان الموهبة الحقيقية للمبدع ( سواء كاتب أو صحفي أو مغني أو رسم أو…..) ليست مسوغا قطعيا له لحجز مقعد في الصفوف الأمامية ..
على سبيل المثال : –
بصوت لا يختلف كثيرا عن صوت المعزاة وإمكانيات فيزيولوجية لاعلاقة لها بالطبقات والجواب والقرار استطاعت هيفاء وهبي ان تتربع كنجمة في مجال الغناء الاستعراضي على مدى ثلاثة عقود بينما أخريات بالعشرات في دار الأوبرا المصرية يمتلكن قدرات حنجرة أم كلثوم يقبعن في الظل ولن يسمع بهن أحد إلى يوم النشور ..
مثال آخر: – صحفي سعودي يدعى تركي الدخيل استضافه مرة جورج قرداحي في برنامجه المعروف ” من سيربح المليون ” وعجز عن الإجابة على اي سؤال من الأسئلة العامة البسيطة التي ماكان لطفل في السنة الرابعة ابتدائي ان يفشل في معرفة إجابتها..كرسته الالة الإعلامية الضخمة لمجموعة الام بي سي على مدى سنوات نجما أوحدا لبرامج ” التوك شو ” السياسية..
بعيدا عن عنصر الحظ المرتبط بحياة الإنسان في هذا الكوكب..صار النجاح المهني حتى في السياق الإبداعي جزءا من آلية السوق الذي تسيطر عليه الرأسمالية .. وصارت القيمة المضافة للأشياء التي تحدث عنها كارل ماركس في رأس المال تصنع في شركات الدعاية والإعلان ولا يخلقها العرق والإبداع الإنساني..
محليا لدينا نماذج مشابهة لكن لدواعي اجتماعية ولمقتضيات الادب والمجاملة المفرطة لن اتورط في ذكرها ..
الخلاصة علينا أن نعرف أن الوزن الإبداعي بفضل التشيؤ الذي فرضه السوق لم يعد مرتبطا شرطيا بالثقل النوعي للموهبة الأصيلة لكنه صنيعة تصورات الوهم نفسه الذي يقنع المستهلك ان مزيجا من الماء والسكر مضافا إليه فقاعات الغاز يمكنه أن يمنحه الطاقة أكثر من وجبة صحية متكاملة العناصر ..