منصة الصباح

مشاكسات

بقلم /سليم يونس
“إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة”؟
“صح النوم”..
“أكدت جامعة الدول العربية، أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الانشغال العالمي بمواجهة فيروس “كورونا” لتصعيد ومواصلة عدوانها وانتهاكاتها الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني بكل ضراوة “قتلا، واعتقالا، وتشريدا، واستيطانا، وتهويدا واستباحة للحقوق والدماء والأرض والمقدسات الفلسطينية”، بأبشع صور التمييز والفصل العنصري وبكل استهتار بالضمير الإنساني والقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية”.
مشاكسة … ألا يحق لنا أن نرفع لافته كبيرة في وجه الجامعة العربية، نقول فيها “صح النوم”؟ ثم هل اقتصر دور الجامعة العربية هو في أن تتحفنا بين الفينة والأخرى، بأن تدبج نصا إنشائيا مكررا مستمرا منذ عقود، دون خطوة عملية واحدة لترجمة بياناتها؟ ثم ماذا فعلت جامعة الـ 22حيشا ووزير حرب وخارجية، إزاء هذا العدوان المستمر؟ وإذا كان بيان الجامعة يقر بأن “إسرائيل” كيان معتد ابتداء، فأين التضامن والنخوة العربية والإسلامية في رد أو على الأقل حماية الأماكن المقدسة في فلسطين الأقصى، الذي بارك الله ما حوله؟ ثم إذا كان الكيان الصهيوني يقوم بكل هذه الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين، لماذا أقامت بعض دول الجامعة معاهدات واتفاقيات سلام مع هذا العدو؟ ولماذا تتهافت الكثير من الدول العربية للتطبيع معه، طالما أنه كيان مجرم حسب توصيف بيان جامعة أبو الغيط؟ لكن من باب المقارنة، لماذا انتفضت بعض هذه الدول في جامعة أبو الغيط، وشكلت ما يسمى بالتحالف العربي لتصفية الحوثيين، وهم مكون اجتماعي في اليمن في حرب قذرة عدوانية غادرة دمرت اليمن وفعلت في اليمنيين مثلما فعل الكيان الصهيوني في فلسطين؟ أم أن المسألة تتعلق بالبيع والشراء، حتى لو كانت النتيجة تدمير شعب اليمن ومقدراته؟ طالما أن هناك من يدفع ، وهناك من هو على استعداد أن يبيع مواقفه وجهد جيشه لمن يدفع؟ ومن ثم ومع كل ذلك، ما موقع بيان جامعة أبو الغيط من الإعراب بالمعنى الإنساني والقومي والأخلاقي، فيما جريمة الاحتلال الصهيوني مستمرة منذ عقود؟ أم أن بيانات الجامعة هي بمثابة تبرئة ذمة، وتعكس عجزا بنيويا، وهي من ثم لا تساوي الحبر الذي كتبت به؟ وأخيرا ألا يحق لنا هنا، أن نعيد القول “صح النوم” ياجامعة أبوالغيط؟
هزيمة غير معلنة
“قالت مصادر مطلعة إن السعودية استأنفت المحادثات غير المباشرة مع جماعة أنصار الله (الحوثيين) ، لإنهاء الحرب في اليمن، تحاول السعودية الخروج من حرب مكلفة ولا تحظى بالشعبية ويعتريها الجمود العسكري منذ سنوات.
مشاكسة… هل تستحق نزوات ولي العهد السعودي بن سلمان، الذي شن حرب ما سمي بـ “عاصفة الحزم” ليقتلع بها أنصار الله (الحوثيين) من اليمن، كل هذا الثمن؟ وماذا كان محمد بن سلمان يريد أن يثبت داخليا وخارجيا بحرب كلفت السعودية مليارات الدولارات وكل هذه الخسائر البشرية؟ وهل يريد بن سلمان القول أنه خاض هذه الحرب الدموية من أجل الآخرين انتصارا للشرعية والديمقراطية في اليمن؟ وهل يمكن أن نصدق أن رجلا سيقود نظاما ليس له علاقة بالشرعية والديمقراطية أن يكون كذلك؟ ثم هل كان قَفْز محمد بن سلمان على ولاية العهد، خلافا لأعراف العائلة الحاكمة في السعودية سلوكا شرعيا وديمقراطيا؟ ثم ما علاقة نظلم عائلي في السعودية بقيم الديمقراطية والشرعية؟ ثم إذا كان بن سلمان اضطر أن يتحاور مع الحوثيين الآن، وهم ليسوا في موقع الهزيمة، فلماذا دفع السعوديون واليمنيون كل هذا الثمن في حرب عبثية تركت بصمات على واقع البلدين؟ ثم هل كان بن سلمان سيحاور الحوثيين لو كان في موقع يسمح له بتحقيق انتصار ما؟ وهل كلفة حرب بن سلمان في اليمن تساوي النتائج السياسية والعسكرية والاقتصادية المستمرة منذ خمس سنوات؟ ثم أين أصبح الحزم في مواجهة الطائرات المسيرة وصواريخ الحوثيين التي أضرت بالاقتصاد وحياة السعوديين؟ ثم ماذا سيقول بن سلمان بعيدا عن ” البروباجندا” التي تروج لها آلته الإعلامية والدعائية مدفوعة الثمن عن هذه الحرب الظالمة التي أكلت الأخضر واليابس في اليمن دون جريرة طوال أكثر من خمس سنوات؟ ثم ألا يمكن توصيف اضطرار بن سلمان للحوار مع الحوثيين بأنه هزيمة غير معلنة، واعتراف بفشل عاصفة الحزم العبثية، إلا من شيء واحد هو تدمير اليمن، وقتل عشرات الآلاف من أبنائه؟

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …