بقلم /سليم يونس
“إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة”؟
خصم وحكم..!
“قال السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، إن “المملكة تجري محادثات يومية مع الحوثيين المدعومين إيرانيا، وأنها دعت ممثلي الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى محادثات سلام في الرياض”.
مشاكسة… هل كانت تستحق نزوات ولي العهد السعودي في إرهاب الآخرين والبحث عن موقع في الفضاء العربي والإقليمي كل هذا الثمن الفادح الذي دفعة الشعب اليمني أينما كان؟ وماذا يمكن أن نطلق على “استقواء” بن سلمان على اليمن بأن اخترع عدوا، ليسقط في مستنقع اليمن، لتكشف بؤس خيارات بن سلمان الاستراتيجية؟ ألم تكشف الحرب الذي قُدر لها فقط بضعة أشهر لكنها استمرت خمس سنوات، سوء تقدير وعجز بن سلمان عن قراءة المشهد اليمني، رغم الفارق في ميزان القوى بين الجانبين؟ ثم هل يمكن القول إن هناك من تعمد توريط وتضليل بن سلمان ليغرق في المستنقع اليمني ويستنزفه ماليا؟ وهل تكشف سهولة هذا التوريط الذي دغدغ طموحات بن سلمان في فرض سيطرته على اليمن، قبل اعتلاء العرش ليظهر كملك قوي، بؤس العقل السياسي لولي العهد؟ ثم ماذا يعني حديث السفير السعودي عن دعوة الحوثيين للسلام؟ ألا تشكل هذه الدعوة اعترافا بفشل عاصفة الحزم، التي استهدفت اقتلاع الحوثيين من اليمن؟ ثم أي منطق في دعوة السفير السعودي للحوثيين لمحادثات في الرياض؟ أليست الرياض هي العدو وهي التي تحارب الحوثيين؟ فكيف لها أن تكون حكما فيما هي من يشن الحرب على صنعاء؟ ثم ألا نقرأ في هذه الدعوة، إعلانا عن هزيمة سياسية وعسكرية لولي العهد السعودي في اليمن، وأن حربا هناك كانت كارثة على الشعب اليمني، واستنزاف السعودية ماليا وعسكريا، وأنها نالت من سمعتها في المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان كدولة معتدية؟ ثم كيف للسعودية وهي العدو لقطاع واسع من اليمنيين أن تكون حكما؟!
أي دفاع عن النفس؟
“أبلغ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات للدفاع عن نفسها إذا تعرضت لهجوم، وأضاف إن أمريكا لن تتسامح مع أي هجمات أو تهديدات لأرواح الأمريكيين وستتخذ إجراءات إضافية وفق الضرورة دفاعا عن نفسها”.
مشاكسة… ألا يعكس تعبير “أبلغ” المعادلة المعكوسة في العراق، وهي أن الحكومة العراقية في موقع تلقي الأوامر من جهة هي صاحبة القرار، أي أمريكا؟ ثم ماذا يعني وزير الخارجية الأمريكي بتعبير الدفاع عن نفسها، إذا كان الشعب العراقي وبعض قواه السياسية يوصِّفون الوجود الأمريكي كاحتلال؟ ثم أليست هذه القوات هي من مارست القتل ورعاية المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا، وآخرها اغتيال رئيس أركان الحشد الشعبي وبعض مرافقيه؟ ثم أليس العراقيون هم الأولى بالحفاظ على أرواحهم من قوات الاحتلال، وبحقهم في الدفاع عن النفس؟ ثم هل نسي الوزير بومبيو كيف اخترعت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا كذبة أسلحة الدمار الشامل لتحتل العراق عام 2003 وتدمر الحياة فيه؟ ومتى يدرك بومبيو أن الوجود الأمريكي هو وجود احتلال غير مرحب به، ويستوجب المقاومة التي كفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة؟