منصة الصباح

مسيرة السوار أو الدُّملُج خلال العصور

فرج غيث

اهتمت المرأة الليبية منذ القدم بأناقتها، فالرغبة في الأناقة كانت فطرية بالنسبة لها، ودلت الآثار القديمة على أنها كانت تميل دائما إلى الأناقة المفرطة، فزينت جسدها بأنواع من الوشم، ثم استخدمت بعد ذلك الحلي المختلفة.

وعندما اهتمت الحضارات القديمة بصياغة الذهب والفضة منذ 2000 سنة قبل الميلاد، أشار المؤرخ الإغريقي هيردوتس (عاش في القرن الخامس ق.م)، بوصف حياة القبائل الليبية وحٌلِي بعضها، فقال: (إن قبائل الأدرماجندي تلبس الواحدة من نسائهم خلخالاً برونزياً في ساقيها). واشتهر الجرامنت في الجنوب الليبي بصناعة الحلِي الذهبية والفضة مثل المشابك والأساور إضافة إلى ما صنع من الحلِي من الأحجار الكريمة الملوَنة كالفيروز والزمرد الأخضر والعقيق الأحمر، مما يدل على أن صناعة الحلِي ونقشها وزخرفتها كانت صناعة رائجة وفناً شعبياً قائماً شائعاً لديهم، ودلت المخلفات الأثرية على استخدام المرأة الليبية للحٌلِي في الفترة الكنعانية والرومانية، إذ عُثر على الكثير منها في المقابر المكتشفة، كما دلت بعض النقوش الموجودة على بعض المعابد والأضرحة على استخدام المرأة الليبية للحلِي منذ فترة تعود إلى ما قبل القرن الثاني الميلادي.

وازدهرت صياغة الذهب والفضة في ليبيا في العهد العثماني الثاني (1835م ذ 1911م) وكانت سبائك الذهب تستورد من أفريقيا إضافة إلى ما يعاد صهره من الحلِي والمسكوكات الذهبية القديمة، أما سبائك الفضة فقد كانت تستورد من فرنسا، وقد كانت صياغة الفضة أكثر تطوراً من صياغة الذهب نظراً للظروف الاقتصادية للبلاد، إذ كان الإقبال على المصوغات الفضية كبيراً والأهالي يقبلون على شرائها خاصة عندما تكون مواسم الحصاد مزدهرة.

وقد اشتركت ليبيا في بعض المعارض الدولية منها معرض باريس 1867م، ومعرض النمسا 1873م، ومعرض فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية 1875م، وعرضت فيها بعض المصوغات الذهبية والفضية المصنعة محلياً.

والمرأة في ليبيا شأنها شأن المرأة في كل زمان ومكان، تهتم بزينتها وترتيب هندامها، وتحرص على الظهور بالمظهر اللائق بين قريناتها، وخاصة في مناسبات الأفراح وعند الزيارات الودية للأقارب والجيران، فهي تختار ملابسها بعناية وتضعها بانسجام وترتدي الجديد والمفضل عندها حين تخرج لحضور حفلات الزفاف أو في مناسبات الأعياد وعندما تزور أهلها ومعارفها في المناسبات المتعددة، والمرأة سواء أكانت في الريف أو في المدينة أو حتى في ربوع البادية البعيدة عن العمران، تتزين بالحلي على اختلافه، والمصنوعة من الذهب أو الفضة وبعض المعادن الأخرى، وتستعمل أنواعاً عديدة من الحٌلِي، ففي المناسبات تتحلى المرأة وتلبس في معصميها ما يسمى “بالحدايد” وهي فضية.

المصوغات الفضية: كانت الحُلي المصنوعة من الفضة شائعة الاستعمال، وخاصة في العقد الخامس وما قبله من القرن العشرين وذلك لرخص ثمنها، وأن الحياة الاقتصادية للسكان كانت لا تمكنها من اقتناء الحلي المصاغة من الذهب، فكانت هذه الحلي عبارة عن خواتم ودبالج وأقراط وقلائد وبعض السلاسل والقطع الأخرى المثبتة فيها .. سنأتي على ذكر جلها في هذا المبحث .

ويسمى السوار أو دبلج امفكرن أو الدُّملُج وهو نوع من أنواع ملحقات الملابس وتكون غالباً من المجوهرات التي تتزين بها المرأة على معصميها وتكون من الفضة المزخرفة، والدبلج هذا عبارة عن صفيحة من الفضة بها نقوش غائرة وأخرى بارزة من الخارج، يشكل بواسطة الطرق والمعالجة باليد بحيث يصبح أسطواني الشكل، تدخل فيه المرأة يدها ليستقر السوار بين الرصغ وأعلى الذراع، يصنع من الفضةً، والموسرون من الناس يبالغون في حجمه ووزنه، وهو أعرض من النبيلة،ويسمى في بنغازي سوار، كما يختلف الناس في نطق الكلمة من جهة إلى جهة أخرى الدبلج أو الدملج، ثومات فضة، سوار بوثومات، سوار نص .

هذه هي الحُلي التي تتزين بها المرأة في ليبيا في مختلف البيئات بعضها يعد الآن في حكم المنقرض وبعضها لايزال مستعملاً تتزين به المرأة في المناسبات المختلفة.

شاهد أيضاً

التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي

الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …