مستقلون !
عبد الحكيم كشاد
أيتها الكلمة تكمن في ثورة الفعل عظمتك
الكلمة تكاد أن تكون مجانية التعاطي ، وتبدو أحيانا أكبر حجما من قائلها ؟ وإن كانت في غير سياقها ومكانها ، تكشف عن هوة عميقة بين الإدعاء ، والقصد . “المستقل” قيمة باعتبارها تشكل منظومة أفكار لها من وعي صاحبها مايجعلها تتبنى موقفا ما في مواجهة نظام أو مؤسسة، وربما مجتمع بأكمله ، ودلالة مدى اتساع عمق الوعي بها من عدمه ، هو ما يترتب عليه مسؤولية مواجهة اﻵخر المخالف .. “ المستقل “ تعني الموقف قبل كل شيء ، والاستقلال بالرأي يعني وضوح الرؤية، خاصة إن كان مخالفا في الرأي، ما يترتب عليه من تباعات ، ومسؤولية في المستقبل – وقد يصل العقاب إلى اﻷبعد في النظام السياسي ، نفيا أو سجنا ! .
و يعد هذا الخروج مروقا من النظام وبالتالي يشكل القمع كإجراء وقائي أحد مفرداته في معالجة أصحاب الرأي ! – المستقلون بمعنى أخر هم بالتاكيد غير سدنة الكتبة، ومدعي الثقافة ، وبمعنى أخير قد ننجر وراء، ممن لا تعني لديهم هذه الكلمة سوى( بروباجندا ) وترف ممجوج ، واستعراض لكلمة، لها سحر المنحة ، أو هبة القوة ، عند أولئك المصابة هذه الكلمة على ألسنتهم “بأنيميا “ حادة ! . كأن هذه المفردة في ذاتها، تمنحهم اﻷهمية ،والقيمة، وليس العكس .
ذلك أن مفردة “مستقل” مدفوعة الثمن غالبا ، على مدى التاريخ الطويل ، و أصحاب الفكر والرأي شرقا وغربا ، من “ سقراط” وحتى آخر سجين رأي يقبع بين أربعة جدران ، تحملوا ثقل وزر هذه اﻷمانة .. أنت مستقل، يعني مسؤول عن مواقفك ، وهي مسؤولية لا تقوم على المراوغة والفراغ إنما على حصاد الأفكار ، ما يقود بالضرورة إلى الرأي ، ومن ثم يؤسس لموقف ما، يكون مسؤول عنه صاحبه، ومدى قبول اﻷخر للرأي ومن ثم محاججته إذا تطلب الأمر . والغاية في نصاعة الموقف إزاء تواجد تعددية أﻷفكار ، والوصول إلى اﻷفضل المشرق دائما .
كثرت بيننا ( كاتب مستقل ) (صحفي مستقل ) وأصبحنا لا نعرف مستقلا عن ماذا، وعن أي شيء تحديدا ، مع أن فكره ورأيه، قد يبدو غير مستبان أصلا فيما يدعي استقلاليته عن رأي اﻵخرين عامة ؟ . أم المقصود عدم التبعية العضوية لغير المنحازين و هي هنا مالاتعنيه بالأ ساس . قضية محيرة !، باتت صفة بلا تصريف ! هذه الاستقلالية التي تأتي فيما بعد لا ما قبل، حين تطرح كل اﻵراء، ويستبان الفكر في القضايا المعني بها، و بوضوح الرؤية . أما أن تصبح كما هو الحاصل لدى البعض، رديف بطاقة التعريف ، متصدرة سيرة الكاتب ، في حين تكون معرفتنا به، لا تتجاوز اسمه !