منصة الصباح

لا “مستقبل زاهر” في ليبيا و”الروافع الحقيقيين” مازالوا بيننا

حمزة جبودة

خدعنا الكاتب والمخرج نزار الحراري، عندما أخبرنا عن “مستقبل زاهر”. كانت أغلب أفكارنا تتجه إلى ما يشبه النهايات التي اعتدنا عليها، انتصار الخير على الشر، لكن بعد المذبحة التي ارتكبها “رجب”- الفنان سعيد المهدي، في قتل الصادق وشقيقه الأستاذ حسن وابنه حامد. والتي من خلالها تغير مسار الأحداث بطريقة مأساوية دفعت ثمنها أسرة كان لها حلمًا يتيمًا أن تعيش في سلام واستقرار.

وهذا الخداع وقعنا فيه مع كل الذين راهنوا على بقاء عائلة بن حمد، مع توقعات بأنها ستكون بخير في الحلقات القادمة.

المخرج هيأ لنا ما حدث في مشهد المواجهة بين رجب والصادق. وهذه المواجهة صنعت تكهنات “إيجابية” ومنها أن يكون “الأفندي عمر”- الفنان القدير أحمد إبراهيم، حاضرًا في اللحظة المناسبة لمنع الكارثة.

“بيت الأفندي عمر.. وعائلة بن رافع”:

حاول الضابط عمر، إنقاذ العائلة في بيته، ذات البيت الذي كان شاهدًا على المجزرة الأولى لعائلة رافع، حين قتلت زوجة الضابط وأبناءه، وهو الأمر الذي لم يخفيه الأفندي عمر حين اصطدم بما شاهده صباحا في ييته، وهو يخبر الضابط مروان، بأنه فشل في حماية العائلة التي لجأت إليه ليحميها.

أعطت عائلة بن رافع مثالاً حيًّا على أن الشر يُمكن توريثه للأبناء، ليس عبر العيش في أجواء السلاح والفوضى والقتل فقط، بل أبعد وأخطر من ذلك. من خلال “الأم- تبرة”- الفنانة هدى عبد اللطيف، التي كانت المحرض الأخطر والمؤثر على ابنها “رجب” لقتل عائلة كاملة انتقامًا لمقتل ابنها.

مشهد “تبرة” وهي تشاهد الجثث مع ابنها، أراه أخطر من مشاهد القتل نفسها، لأنه يُعطينا القصة كاملة مع تفاصيلها الدقيقة التي لا تحتاج سوى مشاهدة “تبرة” وهي فخورة بأبنها “القاتل” الذي تراه أيضًا الابن البار بأمه، في مفارقة خطيرة تكشف تأثير التربية على الأبناء، عندما نُراجع كيف كان الأستاذ حسن يتعامل مع أبناءه.

محاكم الأخلاق ومستقبل زاهر:

في مشهد البث المباشر للضابط “ماجد”- الفنان أنور التير، عن المجزرة، قدّم لنا المخرج وكاتب العمل مشاهد قد تكون للبعض مشاهد عابرة، لكنها توضح الكثير عن واقع ليبيا، عندما بدأ شابين يجلسان في المقهى ويتحدثان عن الكارثة، وأحدهم يقول عن الزوجة التي هربت لإنقاذ ابنها الصغير، “كان فيها خير ما تهربش من غير محرم وفي نص الليل”، بكل بساطة يتم اختزال جريمة قتل تم تصويرها بالفيديو، بأن السبب ورائها قد يكون له علاقة بأزمة أخلاقية.

المشهد ليس جديدًا علينا، لأننا تعايشنا معه السنوات الماضية، مع قضايا قد تكون مشابهة، تم تحريف مسارها على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر صناعة روايات موازية للرواية الحقيقة للقضايا.

كما أن هذا المشهد، يؤكد للمشاهد أنه مشارك في تغوّل هذه العائلات التي تتحكم في مصير الناس، عبر الخوف والابتعاد عن أي كلمة أو عبارة توضح حقيقة خطرهم وضرورة محاسبتهم. وفي أكثر من مشهد في الحلقات الماضية، ركّز المخرج والكاتب على “أهمية تعزيز الخوف لدى الناس لتخاف من عائلة بن رافع”.

كيف خدعنا “مستقبل زاهر”؟

في الحلقة الحادية عشر من المسلسل، نجح الكاتب والمخرج نزار الحراري، في إحداث صدمة درامية واقعية، وهذه الصدمة أشبه بجرس الإنذار الذي يُخبرنا، هذا واقعكم أيها الليبيين والليبيات، وعليكم أن تأخذوا هذه الجرعة القاسية دفعة واحدة. لم أصنع عالَمًا من وحي الخيال، ولم أعمل على تشويه أحد كما يعتقد البعض عن المسلسل.

صانع العمل الدرامي، وضعنا في مأزق حقيقي وفي حالة صدمة مدفوعة بأسئلة كثيرة أهمها، هل ما شاهدناه في قتل عائلة بن حمد، هو مشهد درامي أو مشهد حقيقي؟!

أهمية السؤال تكمن في أنه فتح لنا دفاتر الماضي المشبع بالكراهية والدم والانتقام الذي تعايشنا معه السنوات الماضية.

ونحن نُتمتم في خوف خجول: هل انتهى كابوس “الروافع” أم أننا سنراه في الجزء الثاني “إن كان للعمل جزءًا آخر” والأكثر خطورة، كيف سيصحو “زاهر” يومه التالي وهو طفل لا يستوعب ما حدث، منتظرًا مستقبله وحيدًا في غابةٍ حقيقية، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، المستقبل الذي لن يكون زاهرًا و”الروافع الحقيقيين” مازالوا بيننا.

شاهد أيضاً

المركز الوطني للأطراف الصناعية يستلم شحنة معدات حديثة

المركز الوطني للأطراف الصناعية يستلم شحنة معدات حديثة

استلم المركز الوطني للأطراف الصناعية أمس الاحد شحنة معدات حديثة لتصنيع الأطراف الصناعية فوق وتحت …