استاذنا العزيز الدكتور مراد لنقي
مع قهوة الصباح:
بقلم: د . المهدي الخماس
أدعوا الله أن تجدك هذه الرسالة وأنت بكامل صحتك وعافيتك. مرت السنون وتحققت الطموحات ونجح من نجح وخاب من خاب. ولكن لن ننسى سبعينات القرن الماضي.
وبالتحديد بنغازي ومستشفى الجلاء. لمن لا يعرف مستشفى الجلاء ببنغازي فهو مستشفى الجراحة والحوادث.
كانت كلية الطب في بداياتها وكان الدكتور مراد لنقي أستاذ جراحة العظام.
عرفناه أستاذا وعرفناه رئيسا لقسم الجراحة وعرفناه عميدا للكلية. كان خلية نحل لوحده. يعلم ويجري العمليات ويدير القسم ويدير الطلبة. كنا ننظر اليه ونتمنى ان نصل الى عشر علمه.
كان الأصمعي في المستشفى. كما تعرفون كان ينظر اليه هارون الرشيد في مسائل اللغة العربية المعقدة.
هكذا كان مراد لنقي. الجميع ينظر اليه في وجود مسائل جراحة العظام المعقدة. وكان ينظر اليه في الإلتزام بالمواعيد والوقت. محاضراته في العظام ميسرة وواضحة. أتذكر أنه سألني في امراض الغدة الدرقية في امتحانات الجراحة العامة. وكان يعرف عنها الكثير. نعم كان اصمعي عصره في جراحة العظام.
كان قدوة لنا كطلبة لم يميزنا عن بعض بسبب حالتنا الاجتماعية أو أصولنا العرقية او حسب أماكن ميلادنا ومدننا. مخزون من الطاقة لايتعب ومخزون من العلم لاينضب ومن الأناقة مايصعب تقليده.
كان يحث على البحث الطبي والنشر. وكان رئيسا لتحرير مجلة الجامعة الطبية والتي لا أعرف إن كانت على قيد الحياة الآن أم أن الزمان يدعسها كما يدعس التعليم الطبي. كان حريصا على تعليمنا وحريصا على مرضاه ونجاح عملياته وعمليات زملائه. وبرغم هيبته كنا لانجد صعوبة في التواصل معه وسؤاله.
هذه رسالة الى الدكتور مراد ولاتعني أن ننسى اساتذتنا في العلوم الأخرى والذين سنذكرهم في مناشير أخرى إن شاء الله. كانوا يتمتعون باحترامنا ونتمتع بعلمهم. ولم تبخسهم الدولة حقوقهم أو على الأقل لم نكن نعرف ذلك. فلم نسمع عن تأخير مرتباتهم او الظلم او التزوير في شهاداتهم وترقياتهم. ومن كان أستاذا فهو فعلا أستاذ ومن كان معيدا فهو معيد يؤدي دوره في تعليمنا.
نعرف بوجود مؤسسة اسمها المرافق الطبية التعليمية او مايشبه ذلك وتحت مظلتها كنا ننعم بالتعليم الراقي وينعم اساتذتنا بحقوقهم وبالبيئة المتفائلة والمتحمسة.
له مني وبالأكيد من كل الدفعات الشكر والثناء. أدعوا الله أن يديم عليه صحته وعافيته. وأن يبدل حال التعليم الطبي لينعم بقدر من القدوات والاحترام والنوعية والاهتمام. دمت ذخرا للجميع.