منصة الصباح

مدينة شحات الليبية أو قورينا الإغريقية

شحات او قورينا، هي مدينة ليبية تاريخية حازت على شهرة واسعة، ماضيا وحاضرا للعديد من الخصائص التي تميزها. تقع في منطقة الجبل الأخضر، شمال شرقي ليبيا، في واحد من أجمل الأماكن في الشرق. وتسمى أيضا «قورينا» أو «سيرين» وتتميز بعراقتها وتاريخها الضارب في القدم والذي يعود إلى قرابة الستة قرون قبل ميلاد المسيح .

وتذكر الأسطورة الإغريقية ان اسم «سيرين» اشتق من اسم حورية شاهدها الإله أبولو وهي تقتل أسدا بيديها، في عمل بطولي أبهر أبولو صاحب القداسة لدى اليونانيين القدامى الذي أراد الزواج بها وتم ذلك في موقع مدينة شحات. وحسب معتقدات الإغريق، فإن أبولو هو إله الشمس، وهو ابن الإله زيوس والآلهة ليتو، وهو الشقيق التوأم لأرتيميس، ومقر عبادته يقع في جزيرة دلفي في اليونان حيث المعبد الشهير الذي نقشت عليه عبارة (أعرف نفسك بنفسك )

ويرجع مؤرخون كثر سبب إطلاق تسمية «شحات» إلى شح المياه في هذه المدينة التاريخية بعد أن نضبت عيون مياهها العذبة التي كانت تروي سكانها في العصور الغابرة. فهي باختصار، وحسب هذا الطرح، مدينة العيون الشاحات، بالرغم من أن هذه الفرضية في التسمية لا تبدو منطقية ولا تجد سندا يدعمها أو دليلا علميا يؤكدها.

تأسست المدينة التاريخية الليبية سنة 631 قبل ميلاد المسيح عن طريق رحالة وتجار يونانيين كانوا يترددون على السواحل الشرقية لشمال افريقيا، أي المنطقة الواقعة ما بين أقصى شرق بلاد النيل من ناحية البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى خليج سرت الليبي. فما يقع بعد سرت من ناحية الغرب الليبي وصولا إلى سواحل المحيط الأطلسي، كان خاضعا لنفوذ قرطاج التي اقتسمت مع الإغريق شمال القارة السمراء وتوسعت في غرب المتوسط في كل الاتجاهات الممكنة وأقامت المستعمرات في غرب القارتين السمراء والعجوز وفي كثير من جزر المتوسط.
شهدت شحات عصرها الذهبي في القرن الرابع قبل الميلاد حيث نمت وازدهرت واحتلت موقعها في الخريطة القديمة لأهم المدن الكبرى وكانت تعتبر لدى اليونانيين، وفي عصر ما، أكثر أهمية من العديد من مدنهم الكبرى. ازدهر فيها النشاط الزراعي واستغلها الإغريق أفضل استغلال خاصة وأن أغلب أراضيهم تطغى عليها الجبال والجزر البركانية الصغيرة المتناثرة في بحر إيجه والبحر الأيوني.

كما ازدهرت التجارة في شحات باعتبار موقعها الهام على الطريق بين بلاد النيل وقرطاج، حيث توجد حضارتان كبيرتان مؤثرتان في التاريخ الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك فهي مدينة ساحلية تأتيها سفن الإغريق وغيرهم لاقتناء ثرواتها الزراعية والسمكية المتوسطية باعتبار أن عموم سكان السواحل الشمالية لهذا البحر، نشطوا في الصيد منذ القديم وابتدعوا طرقا متعددة للحصول على أجود ّأنواع الأسماك.


لقد عرفت شحات، الحاضرة المزدهرة في زمان تألقها، والتي تحيط بها مناظر خلابة تسر الناظرين، استقرارا سياسيا دام لقرون وهجرات لأقوام متعددة، الأمر جعلها بيئة خصبة لعدد من العلماء والمفكرين. ومن روادها عالم الرياضيات إراتوستينس، الذي تأثر بفكر الإغريق ونبوغهم في هذا الصنف من العلوم فتألق وفاقت شهرته مدينة شحات ووصل صيته إلى كل بلاد اليونان ومحيطها.

ومن مشاهير شحات أيضا إيراتوسثانيس المختص في علم الفلك والجغرافيا، ويقال انه أول من قام بعملية قياس قطر الأرض. كما تذكر كتب التاريخ الفيلسوف اريستيبوس. وفي العهد الروماني ظهر سمعان القيرواني الذي يقال انه أحد الحواريين وقد ذكر في الأناجيل، وأيضا القديس مرقس مؤسس الكنيسة الإسكندرية وآخرين.

حورية أبولو في الجبل الأخضر

شاهد أيضاً

سفير بريطانيا يناقش التعاون مع بنغازي اقتصاديا

ناقش سفير بريطانيا “مارتن أندرو لونغدن” والوفد المُرافق له، مع بلدية بنغازي، إمكانية التنسيق لتحقيق …