منصة الصباح

مدينة السنافر

مدينة السنافر
__

مفتاح قناو

عندما تصل إلى قلب مدينة بروكسل القديم وميدانها المعروف ( بالتاون هول ) يبهرك جمال المعمار القوطي العائد إلى زمن العصور الوسطى، فالواجهات الأربعة للميدان تتبارى فيما بينها، أيها سيكون الأجمل بأعين السائحين الذين يزدحم بهم المكان، في أهم الواجهات تقع قاعة المدينة أو مقر البلدية، والتي يتم الدخول إليها بأفواج سياحية مع مرشد خاص لكل مجموعة، يقدم شرحا وافيا عن مكونات القاعة والزخارف المنقوشة على الجدران والأسقف، هذه القاعة التي كانت مقرا للحكم في زمن ما.
تغادر الميدان القديم من رواق جميل يفضي بك إلى ساحة أخرى تزدحم بالمقاهي، حيث تتناثر مقاعد المقاهي على مسطحات خضراء تتوسطها نوافير المياه، ويقابلها على الطرف الأخر ميدان صغير يقع به معلمان سياحيان جميلان، الأول هو متحف المهندس المعماري البلجيكي فيكتور هورتا، وهو منزله الذي صممه على نمط الفن الحديث، وأقام فيه، كما جعل منه ورشة عمل له نفذ فيها أعماله لعقدين من الزمان.
أما المعلم الثاني فهو متحف السنافر، حيث تُروى قصة طريفة عن الفنان البلجيكي بيير كوليفورد مخترع شخصيات السنافر، تقول الحكاية أن هذا الفنان في مطلع الخمسينيات كان في طريقه ليتسلم وظيفة يرغب بها ويعتبرها جيدة وهي وظيفة مساعد طبيب أسنان، لكنه تأخر عن موعد المقابلة الشخصية فتم رفضه ولم يتحصل على تلك الوظيفة التي كان يعتقد أن مرتبها سيجعل حياته مستقرة، لكن الوظيفة ضاعت منه فاضطر بعدها لقبول عرض عمل متواضع بمبلغ زهيد وساعات عمل طويلة في أستوديو خاص بالرسم.
في هذا الأستوديو عاد إلى الفنان البلجيكي بيير كوليفورد شغفه القديم بالرسم، فاخترع شخصيات لكائنات صغيرة زرقاء اللون تعيش في بيوت من الفطر أو عش الغراب وسط قرية صغيرة في أطراف الغابة تسمى ( السنافر ) حيث ظهرت شخصيات السنافر لأول مرة عام 1958م في قصص مصورة بمجلة كرتونية بلجيكية.
لكن ما هي قصة السنافر ؟ الأصل في قصة السنافر أنها عكس ما كان يعرض، حيث أن السنافر هي أشباح شريرة هائمة، تمثل الخطايا السبع أو الذنوب الكاردينالية حسب المعتقد الكاثوليكي وهي الجشع والشراهة والغرور والحسد والكسل والغضب والشهوة، ويمثل كل خطئيه من الخطايا سنفور واحد، زاد عليها المؤلف بعض الشخصيات يقودهم كبيرهم بابا سنفور الذي يعتبرونه رأس كل الذنوب، و السنافر يمثلون جانب الشر في القصة، أما شرشبيل في القصة الأصلية فهو كاهن فقير يعيش في كنيسة يحاول إرضاء الرب بالقضاء على هذه الأرواح الشريرة، وهذا قد لا يهمنا كثيرا، لكن ما حقق شهرة كبيرة لهذه القصة هو تدخل رأس المال الأمريكي حيث قامت شركة هانا ــ باربيرا عام 1981 بتحويل القصة المصورة بمجلة كرتونية إلى أحد أشهر مسلسلات الرسوم المتحركة للأطفال هذا العمل الذي ترجم إلى أغلب لغات العالم، وعرض في كل تلفزيونات الدنيا.
وقد احتفلت دولة بلجيكا عام 2018م بذكرى مرور ستين عاما على ظهور شخصيات السنافر، حيث أقيمت لهم قرية كاملة في بروكسل عاصمة السنافر، وتمكن عشرات ألاف السواح من زيارة هذه القرية والتجول فيها ودخول بيوت السنافر، ومقابلة كل شخصيات المسلسل الكرتوني التي تم تجسيدها بالحجم الطبيعي.

شاهد أيضاً

منظمة الصحة العالمية: غزة تواجه أزمة إنسانية خطيرة

  كشف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس الأحد، أنه “مع استمرار …