فتحية الجديدي
ضبطني أحد رجال المرور بجزيرة دوران في طرابلس المركز وأنا أمسك بهاتفي بالرغم من أنني لم أستعمل هذا الأخير، وسارع إلى سحب أوراق سيارتي.
توقف برهة ليستطلع الوريقات، فوجد أن صلاحية الفحص الفني قد تجاوزتها الأيام، وأشار إلى عدم وجود دمغة تجول بكتيب السيارة، وعلى الفور باشر في إصدار مخالفة بالأمر متسائلا عن تكاسلي في إتمام الإجراءات القانونية لسيارتي تبعًا لقانون المرور!
أجبته أنها كانت بورشة التصليح منذ أيام بعد أن داهمت محركها حمى أدت إلى ارتفاع مؤشر الحرارة إلى الحد الأقصى، فاضطررت إلى دفع 1230 دينارا» من أجل إصلاحها.
لم يقنعه السبب، ورد قائلا منذ شهور : «كان يمكنك معالجة الناقص من أوراقك منذ أيام وأسابيع مضت»، ثم مضى متحدثاً : «أما مخالفتك الثانية فهي جراء استخدامك هاتفكِ الخليوي أثناء القيادة».
كدت أن أردد على مسامعه جملة «يالاروعة قوانيننا المرورية»، لكني اكتفيت بالرد «لم أقم بهذا التصرف ولم استعمل هاتفي بل أمسكته لوضعه بجانب المقود ليتسنى لي مشاهدة شاشته فقط بعد أن وقع تحت الكرسي».
أنصت شرطي المرور مطرقا حتى أكملت حديثي، ثم طلب متى أن أركن سيارتي لتسهيل حركة السير بالطريق.
صدعت بما أمر وانتظرت أن يكمل حديثه وفي داخلي دهشة من هذه المماطلة والمحاضرة المرورية التي شنفت آذاني بها، وما إن وفد علي مرة أخرى حتى أرسل مجموعة من الأسئلة التي أحالت الموقف إلى استجواب شخصي « أين محل إقامتك ومكان عملك ، وما هي وجهتك ولماذا حملتي هاتفك « لم ينتظر إجابتي، وأردف همساً : « ماذا تريدين أن افعل لك» مرفقاً ذلك بنظرة غريبة وزم شفتيه ليخرج من بينهما حشرجة فهمت منها جملة «تعرفي مخالفة استعمال النقال « قداش «؟ فرددت «قداش»، فأرف « 500 دينار».
انزعجت لا من عظم تأثير المخالفة على ميزانيتي الشهرية، بل لإحساسي بالظلم وقلت « لم أستعمل الهاتف .. فهل أحلف لك»، فرد مبتسماً وكأنما تلك الفرصة التي ينتظر قد حانت» باهي قداش رقمك « ؟
انتابني شيء من الحسرة على روح القانون التي تبدلت ، بدل أن تكون أكثر إنسانية باتت مؤلمة، وبدل الذنب شعرت بالأسف، على حال جعل تطبيق القانون مدخلاً لـ«المعاكسات»، وتحول رجل المرور من حارس لسلامتنا إلى متسلل على خصوصياتنا، دون أن يترك بعض من امتهن هذه المهنة الشريفة خياراً لحسن النية ، مع كامل احترامي لرجال المرور الأكفاء.
رفضت فخالفني .. حملت المخالفة وسؤالاً عن المعايير المتبعة في اختيار العناصر المناسبة.