لا يزال ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي، الذي يعود تاريخه إلى 25 يوليو 2013، يشهد تعقيدات ومستجدات متواصلة.
وقد نظرت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس صباح الثلاثاء في هذا الملف، وقررت حجزه إثر الجلسة لتحديد موعد جديد.
انسحاب هيئة الدفاع
شهدت الجلسة انسحاب أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيد مجددا، تنفيذا لقرار سابق لها بتعليق الحضور في الجلسات المتعلقة بملفي الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد.
تتمثل الطلبات التحضيرية التي تقدمت بها هيئة الدفاع في معرفة المكالمات الواردة والصادرة على هواتف العديد من المتهمين في ملف الاغتيال، من بينهم هاتف منفذ العملية أبو بكر الحكيم، وأبو عياض وآخرون.
كما تطالب الهيئة بسماع إطارات أمنية، والاستماع إلى عدد من الوزراء السابقين بوزارة الداخلية، ومنهم وزيران سابقان وكذلك المدير السابق لإدارة الاستعلامات السابق، للقيام بالمكافحات اللازمة، خاصة فيما يتعلق بالوثيقة الاستخباراتية.
قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس مؤخرا إحالة الملف المفكك الذي شملت الأبحاث فيه المدعو مصطفى خذر على الدائرة الجنائية بتونس بتهمة التستر على معلومات تتعلق بعملية الاغتيال، وخاصة حول الإرهابي بوبكر الحكيم المتهم الرئيسي في القضية.
تقسيم ملف الاغتيال
تم تفكيك ملف اغتيال محمد البراهمي إلى جزأين: الأول منشور أمام أنظار الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس المختصة في قضايا الإرهاب، والثاني تعهد به قلم التحقيق بالمكتب 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، الذي قام بحجز محتويات ما عرف بالغرفة السوداء صلب وزارة الداخلية وفتح تحقيق في ملف الجهاز السري لحركة النهضة وعلاقته بعملية الاغتيال.
الاستئناف في قضية الجهاز السري
قام محامو الدفاع عن المتهمين في قضية الحال بالاستئناف فيما عرف بقضية الجهاز السري، والذي تم ضمه للجزء الثاني من الملف المنشور لدى التحقيق، الذي قرر إحالة كل من محمد العكاري رئيس الجهاز الأمني لتنظيم أنصار الشريعة وعامر البلعزي الذي اعترف بإخفائه للمسدسين اللذين استعملا في اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وذلك بتهمة المشاركة في القتل. أما مصطفى خذر فقد وجهت له تهمة الامتناع عن الإدلاء بمعلومات مهمة تتعلق بتنقلات وأرقام هواتف وعلاقات أبي بكر الحكيم المتهم باغتيال البراهمي.
أذنت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بفتح تحقيق في سرقة المحاضر المتعلقة باستنطاق المدعو عامر البلعزي الذي اعترف فيها بأنه كلف بإخفاء المسدسين اللذين قتلا بهما البراهمي وبلعيد، وقام بهذه المهمة حيث رماهما في إحدى البحيرات، كما قام بسرقة محاضر معاينة المكان التي قامت بها قبل الوحدات المختصة.
وردت وثيقة استخباراتية تحذيرية قبل اغتيال الشهيد محمد البراهمي بعشرة أيام، وتضمنت تحذيرا من إمكانية استهداف المعارض البراهمي.
وقد فتحت هذه الوثيقة الباب للتأويلات والاتهامات، لا سيما وأن وزير الداخلية سابقا لطفي بن جدو اعترف بأن وزارة الداخلية كانت على علم مسبق بعملية الاغتيال.
وشكل الجهاز السري لحركة النهضة نقطة مفصلية في ملف اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي.
وقد تفجر هذا الملف منذ شهر أكتوبر سنة 2018، عندما كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد، وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سري أمني مواز للدولة، متورط في اغتيال المعارضين بلعيد والبراهمي، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب.
طالبت هيئة الدفاع في ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي بإضافة كشوفات المكالمات الهاتفية الصادرة والواردة على هاتف أبو عياض، إضافة إلى الوثيقة الاستخباراتية حول مخطط اغتيال الشهيد، وإجراء مكافحة بين كل من لطفي بن جدو باعتباره كان وزير داخلية زمن اغتيال البراهمي وعلى العريض الذي كان رئيس حكومة في تلك الفترة وعادل العرفاوي مدير الاستعلامات في ذلك الوقت
لا يزال ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي يشهد تطورات ومستجدات متواصلة، ويطالب فريق الدفاع عن الشهيد بالكشف عن الحقيقة كاملة وتقديم المتورطين في هذه الجريمة إلى العدالة.