محاولة لتغريب الوطن !
————–محمود السوكني————-
الانتماء إلى الأمة العربية ليس خيارا بل هو واقع لا يمكننا أن نتبرأ منه ، وأساس هذا الواقع وعماده هي اللغة التي ترسخه وتؤكده وتنميه وعندما نضيع هذا الأساس فإننا لا “نتحرر” من هذا الانتماء بل نشوهه ونسيء إليه وإلى أنفسنا قبل ذلك فمن لا انتماء مشرف ينتسب إليه ، ويفخر به ، لا قيمة له أمام الآخرين !! بل تكون النظرة إليه بازدراء يستحقه أو شفقة تناسب شطحاته.
هذه اللغة العظيمة التي نزل بها القرآن الكريم أقدس الكتب وأحكم القول ، وأعظم الإعجاز ، غنية بتاريخها ، سخية بمفرداتها بهية بحروفها البديعة المنمقة ، هذه اللغة المتفردة لا تنتسب لأحد بل ينتسب إليها كل من يطمح للسؤدد والمجد، هي لا تضم ،بل ينضم إليها كل من ينشد التميز هي لا تضاف ،بل ينضاف إليها كل من يقدر على مهرها ويستحق أن يلتصق بها ، ويُعرف عبر نبضات حروفها .
هذه اللغة على ما تزخر به من صفات لا تجتمع في غيرها من اللغات ومع ذلك فهي لا تجد الإحترام الذي تستحقه من أهلها ، ولا المكانة اللائقة الجديرة بها ، بل إنها تواجه بالصد والهجران وتعاني كل جحود ونكران ويتم إهمالها وإضاعة مفرداتها ، وخرق قواعدها والتماس كل ما يسيء إليها ، ويشوه معالمها.
لم نعد نعتمد اللغة العربية في أحاديثنا بدعوى أنها عصية على الفهم ومفرداتها لا تنسجم وروح العصر !! وإن كان الخيار متاحا لبعضنا لاستعاضوا عنها باللهجة المحلية في كافة مكاتباتهم!!
و … زيادة في التشفي من هذه اللغة فإننا لا نكتفي باستعمال اللهجة عوضا عن اللغة، بل ” نطعمها ” بمفردات أجنبية لزوم الوجاهة وادعاء المعرفة هذه البدعة التي هي ضلالة بلا شك لم تعد تقتصر على أحاديثنا ولكنها صبغت حياتنا إجمالا ، وأي ملاحظ لأسماء المحلات الحديثة منها من مطاعم وشركات ودكاكين ملابس وخلافه ، سيلفت انتباهه اعتمادها على المفردات الأجنبية والمصطلحات الغربية التي لا علاقة لها بلغتنا الجميلة ! رغم أن لغتنا لا تعجز بما رحبت عن توفير الألفاظ التي نحتاجها لأي مغزى أو معنى أو شان نبغيه , قد لا نملك القدرة على إجبار المواطن على إحترام لغته ، والالتزام باستخدامها في حديثه وتعامله الخاص ، ولكننا بلا شك نقدر على التصدي ومحاربة، بل ومعاقبة كل من يتجاهلها في الشأن العام ، فهناك مناشير وتعليمات مشددة تلزمنا بذلك .
من سمح لهذه اللافتات المستفزة أن تعلق ،ومن رخص لها لكي ترفع في شوارع المدينة في تحد سافر لمشاعرنا ، وانتهاك واضح لكل أعرافنا وتقاليدنا ،وكأنها جزء من حملة منظمة لطمس الهوية ، وإضاعة الانتماء وتغريب الوطن !!.