منصة الصباح
طارق القزيري

محاكمة ساركوزي: صراع فرنسي داخلي أم قصة ليبية!

طارق القزيري

في 25 سبتمبر 2025، أدانت محكمة باريس الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتهمة تكوين عصابة إجرامية مرتبطة بمحاولة الحصول على تمويل ليبي لحملته الانتخابية عام 2007. الحكم: خمس سنوات سجن.

من المهم قبل كل شيء ان المحكمة برأت ساركوزي من التهم الأخرى مثل تلقي الأموال فعلياً والفساد. وقد بدأ تنفيذ الحكم في سجن “لا سانتي” بباريس قبل البت في الاستئناف، وهذا ما أشعل الجدل، وأعتبر سابقة أو أمرا غير معهود في قضايا من هذا النوع.

لم تتفجر الأزمة السياسية بسبب ليبيا، بل بسبب الوضع السياسي الفرنسي المعقد. فالبرلمان المنقسم منذ انتخابات صيف 2024، لا توجد به أغلبية واضحة فاليسار متقدم عددياً لكن بلا أغلبية حاكمة، الوسط الرئاسي، متراجع وضعيف، اليمين المتطرف قوي لكنه غير قادر على الحكم منفرداً.

في هذا الوضع الهش، كل حدث كبير يتحول إلى معركة سياسية.

بحسب المصادر الفرنسية -انظر ادناه من المصادر وغيرها- فاليسار والجمعيات المدنية، يرون الحكم انتصاراً لدولة القانون. رسالتهم: “لا أحد فوق القانون، حتى الرؤساء السابقون”. ويطالبون بمزيد من الشفافية في تمويل الأحزاب.

اليمين المحافظ: يتحدث عن “قضاء مسيّس” وإهانة علنية” لرمز سياسي كبير. الدفاع هنا ليس عن ساركوزي شخصياً، بل عن قاعدتهم الانتخابية المهددة.

اليمين المتطرف (التجمع الوطني)، يستغل الأزمة للهجوم على “النخب الفاسدة” و”القضاء المتحيز”، طمعاً في جذب ناخبي اليمين الغاضبين قبل انتخابات 2027.

وقد اختارت الرئاسة الفرنسية (ماكرون) وهي من الوسط الليبرالي، موقفاً حذراً: رفض التهديدات ضد القضاة، والتأكيد على استقلال القضاء، دون الانحياز لأي طرف.

حسناً أين ليبيا من كل هذا؟ الحقيقة البسيطة: ليبيا عنوان في القضية وليست محور النقاش، ولو فكرنا فهو حكم ضد ليبيا أيضا بانها فاسدة، وأستغرب من البهجة العجيبة بإعلان قضاء أوروبي فساد دولتنا – ولو في السابق – لان إدانة ساركوزي إدانة لليبيا ايضا بالبداهة. لكن الجدل الفرنسي اليوم ليس عن “هل جاءت أموال من ليبيا؟” بل عن:

– هل يحق لنا انتقاد القضاء؟ وأين الحد بين النقد المشروع وتقويض المؤسسات؟ كيف نحاسب السياسيين الكبار؟ من سيقود اليمين الفرنسي مستقبلاً؟

هذه أسئلة فرنسية محضة تخص السلطة والشرعية والقيادة.

وما يهمنا في ذلك؟ اولا: الّا نصدق العناوين المبالغ فيها، فالمانشيتات تجعل ليبيا مركز القصة، لكن الحقيقة أن المعركة الحقيقية داخلية بين القوى السياسية الفرنسية حول معنى العدالة وحدود السلطة.

كما ان هذا درسا مفيدا لنا لنراقب كيف يناقش الفرنسيون حدود نقد القضاء. متى يكون النقد مشروعاً؟ ومتى يصبح تدميراً للثقة بالمؤسسات؟ هذا سؤال مهم لنا كليبيين الان بالذات.

وان نعلم ان المؤسسات هي الحل وان قضايا المال السياسي موجودة في كل مكان. لكن ما يصنع الفارق هو وجود: قضاء مستقل، وإعلام حر وقوي، وقوانين واضحة للشفافية، ورقابة برلمانية فعّالة.

قضية ساركوزي “صراع فرنسي – فرنسي” على مستقبل اليمين السياسي، ومعنى دولة القانون، وخريطة القوى قبل انتخابات 2027.

أما ليبيا فمجرد اسم يتكرر في التفاصيل القانونية، لكن القصة الحقيقية تكتب في باريس، اما طرابلس وبنغازي فمجرد قميص عثمان، وكثيرة ماهي هذه القمصان!. ​​​​​​​​​​​​​​​​

______________________

• للمزيد يمكن مراجعة المصادر المرفقة ادناه وهي تغطي الزوايا الثلاث الأساسية: التحليل القانوني العميق، الموقف السياسي/المجتمعي، والوثائق الأولية الكاملة.​​​​​​​​​​​​​​​​ (ترجمة غوغل – Manus AI)
• Condamnation de Nicolas Sarkozy: Anatomie d’un verdict
https://is.gd/9p99Ld
• Affaire du « financement libyen » : une condamnation de Nicolas Sarkozy historique et inédite
https://is.gd/jUP0Xp

• Sarkozy et financement lybien : le pdf du jugement pénal complet*
https://is.gd/GNYI8M

شاهد أيضاً

النفط يرتفع بعد تراجع المخزونات الأمريكية وبرنت يسجل 64 دولارا

النفط يرتفع بعد تراجع المخزونات الأمريكية وبرنت يسجل 64 دولارا

الصباح/ وكالات ارتفعت أسعار النفط العالمية صباح اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام من التراجع، مدعومة …