منصة الصباح

مجازر «المدنيين» النائمة حتى توقظ الضمائر؟! |

بقلم / عبد الباري رشيد

الاتحاد الأوروبي على لسان المتحدثة باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية « موغيريني» طالب في بيان صدر عنه منتصف نوفمبر الماضي بضرورة احترام القانون الدولي الأساسي – ومساءلة من ينتهكونه في ليبيا – ودعا إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل حماية المدنيين » بشكل جيد، ووقف العنف فورا – والعودة إلى العملية السياسية تحت راية الأمم المتحدة، ويرى الأوربيون من خلال البيان المشار إليه بأنه لا بديل عن الحل السياسي وبأن الاتحاد سيواصل دعم المبعوث الأممي معتبرأ بأن مبادرة « برلين » ستشكل فرصة جيدة لإنهاء الصراع ورسم طريق نحو السلام والاستقرار – وبكل تأكيد فإن بيان الاتحاد الأوروبي يضاف إلى بيانات مماثلة صادرة عن اتحادات إقليمية أخرى وحتى عن الأمم المتحدة ذاتها – لم توقف نزيف دماء « المدنيين » في ليبيا جراء العدوان القائم على العاصمة الكبرى وضواحيها والذي حصد أرواح أكثر من عشرة آلاف مدني» مابين قتيل وجريح فضلا عن تشريد ونزوح أكثر من 150 ألف مدني وطوال الشهور السبعة التي انقضت فمن بداية تلك الحرب في ابريل الماضي صدرت بيانات عديدة عن مجلس الأمن عبارة عن شحب واستنكار – ولم تحمل موقفا « حاسما» من المجلس المفترض فيه أنه حارس وحاصى لحقوق المدنيين في كافة أنحاء العالم – ولم يلاحظ المرائبون إيه قرارات ذات طابع « إلزامي» وإجباري بوقف الحرب ، وعودة القوات المعتدية من حيث أتت بل كلها وكما ذكرنا عبارة عن بينات لم « تنقذ » مدنيأ واحدة من القتل أو الإصابة أو النزوح!! فقد شهدت أروقة المجلس عدة مناظرات طوال فترة الحرب المستمرة حتى هذه اللحظات وكان أبرزها مثلا ما ذكره مندوب حكومة الوفاق » يوم 7/ 30 الماضي أمام المجلس – حين خاطب الجميع بقوله بأن الحرب على طرابلس وضواحيها ما كان لها أن تستمر إذا جري مواجهتها بقرارات « حاسمة » من طرف المجلس « وأعرب عن أسفه لعدم اتخاذ مجلس الأمن قرارا فوريا بوقف الحرب .. وشرح في كلمته أمام المشاركين في مداولات المجلس الموقف الثابت الحكومة الوفاق والذي أوضح فيه بأن « الوفاق » رغم التحديات التي فرضتها ظروف الحرب على عاصمة كل الليبيين « تؤمن» بالحل السلمي لبناء الدولة . وبأنه لا حل عسكري للوضع في البلاد.

– وبأنها مستعدة للتعاون مع مجلس الأمن فيما يقرره لصالح الشعب الليبي واستقرار البلاد وسلامة مواطنيها، وأشار في نفس الكلمة أيضا إلى جهود حكومة الوفاق منذ تولياه السلطة في مارس 2016م في مسألة ضبط السلاح وإدماج الثوار في المؤسسة العسكرية والأمنية وكل تلك الأشياء تمت بالتنسيق مع الأمم المتحدة وهذا الأمر بحد ذاته حافز لمجلس الأمن بأن يتخذ الموقف « الصحيح » من العدوان على العاصمة وضواحيها – ولكن كلمة مندوب « الوفاق » لم تلق آذانا صاغية من طرف الخمسة الكبار أصحاب « الفيتور» بصفة خاصة ، لأسباب لم تعد خافية على أحد ، حيث تنظر كل دولة من الكبار دائمة العضوية إلى مصالحها الخاصة!! والى اقتسام « الكعكة» وليذهب بعدها المدنيون الليبيون إلى الجحيم !! والذي يراه المراقبون للمشهد القارئ في ليبيا «بأم » أعينهم حيث تسقط الصواريخ « العمياء » على الأحياء السكنية وتحصد أرواح أطفال ونساء مثلما حصل في الأيام القليلة الماضية في منطقة «أم الأرانب » في الجنوب الليبي وفي منطقة السواني حيث سقط أكثر من 15 ضحية من الأطفال والنساء ، وهي حصيلة تضاف إلى مجازر أخرى أصبحت حدثا شبه « | يومي » ترصده المنظمات الإنسانية الدولية ويتم أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي – ولقد أشار إلى ذلك بيان صدر عن المجلس الرئاسي في أعقاب مجزرتي أم الأرانب والسواني خلال الأيام القليلة الماضية والتي راح ضحيتها «مدنيون » من الأطفال والنساء وقد أكد المجلس في بيانه بأن غياب الموقف الدولي الحاسم والرادع تجاه الاعتداء مشجع المعتدي على مواصلة ارتكاب مثل تلك الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب وحمل بيان المجلس بعثة الأمم المتحدة مسؤولية هذه الاعتداءات المتكررة على الأحياء السكنية والمطارات المدنية، وبأن إصدار البيانات من طرف مجلس الأمن الدولي – دليل على « العجز» أمام ما يرتكب من مجازر بحث « المدنيين » !!

وبطبيعة الحال فإن حكومة الوفاق ومن خلال المسارات التي اعتمدتها منذ توليها للسلطة كما اشرنا في شهر مارس من العام 2016م غطت المسائل السياسية والاقتصادية والأمنية .. وكان أبرزها مثلا عودة أكثر من 40 سفارة وبعثة دبلوماسية للعمل من طرابلس ، فضلا عن رفع معدلات إنتاج النفط من 150 ألف برميل عند وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس في مارس 2016ف الى مليون و ۲۰۰ ألف برميل حاليا وضخ المجلس مبالغ مالية إضافية الاستثمارات جديدة في قطاع الطاقة وفتح باب الاستثمار الأجنبي لرفع الإنتاجية إلى أكثر من 2 مليون برميل – وفي المسار السياسي تجاوب المجلس مع خريطة الطريق التي طرحها المبعوث الأممي أوائل هذا العام لجمع الأطراف الليبية في ملتقى وطني جامع كان من المفترض التئامه منتصف ابريل الماضي – ولكن الحرب على العاصمة عطلت ذلك وأعادت الأمور الى المربع الأول والى نقطة الصفر، وإضافة إلى ذلك كله فإن حكومة الوفاق » حشدت إمكانياتها العسكرية لمواجهة تلك الحرب والإرهاب بصورة عامة .. وقد أكدت في أكثر من مناسبة الاستمرار في الدفاع عن « مدنية » الدولة وعدم التنازل عن المبادئ الثابتة في إيجاد حلول سلمية تضمن إنشاء الدولة الديمقراطية – بمؤسساتها البرلمانية والتنفيذية وبدستورها الدائم وغير ذلك من الترتيبات التي تحمي من خلالها « ثوابت » الليبيين كافة من أقصى شرق البلاد إلى غربها ومن وسطها إلى جنوبها . وهذا ما يجب أن يفهمه المجتمع الدولي ويضعه على سلم الأولويات » في أية مؤتمرات قادمة سواء في « برلين » أو في « جنيف».

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …