فتحية الجديدي
تلقفتنا نظرات الأطفال قبل الكبار في تساؤل لماذا دخلت هاتان المرآتان هذا الفضاء بمحاذاة ألعاب الأطفال ؟ ولماذا يسيران لوحدهما دون وجود طفل أمسك أيدهما أو تربع في حضن إحداهما.كان الشبه الكبير بيني وبين شقيقتي جوابًا لاستفسار البعض بأننا نقوم بجولة كأختين أرادتا الحديث على انفراد وساقتنا الأقدار مسيرًا إلي ميدان الشهداء بطرابلس في ليلة خميسية، بوجود عائلات وشباب يجدون بين متاعب اليوم مساحة يلهون بها «ببراءة»، وآخرين يتخذون من الأمر تجارة، يعرضون فيها من الإكسسوارات والساعات والخردوات، فيما ويبتاع بعضهم المأكولات والمشروبات الباردة والساخنة وبعض أنواع من المكسرات، كما يحتل جزءًا من مساحة المكان باعة لألعاب الأطفال المختلفة بين البالونات والمراوح البلاستيكية والدمى والسيارات الكهربائية الصغيرة ومجسمات من بعض الحيوانات الداجنة، وأرفف أخرى للحلوى والبسكويت.أما الجزء القريب من النافورة فأضحى ساحة لممارسة رياضة ركوب الدرجات النارية – بالرغم من ضيق المكان باعتباره نقطة تتفرع منه الشوارع الحيوية بوسط المدينة، إلا أنهم وجدوا لذلك سبيلًا في اقتناء هذه المركبة الآلية على تنوع موديلاتها وألوانها،التي تجمع محبيها من الشباب في أعمار متفاوتة.
لم نقف بمكان واحد إلا لالتقاط صورة ربما نتركها للزمن ونحتفظ بذكراها في الدنيا وربما نرمي بها بعيدًا عنا عندما يضيق بنا الحال ونبتعد بمخيلتنا صوب لأبراج وناطحات وجسور في بعض المدن المتطورة التي خالفتها في ذلك مدينتا البهية المتسعة لأحلامنا وبؤسنا أيضًا.ماذا ينقص طرابلس في أن يكون بها جسور معلقة تقي الناس حوادث السير وهم يقطعون الطريق للضفة المقابلة لأمام تهور السائقين وهلعهم على الوقت وابتلاعهم في دوامة السرعة ! ماذا ينقص طرابلس في أن تزينها أبراج إضافية حديثة أو تستكمل تلك البقايا بعد هجران الشركات المسؤولة عنها؟ .. وما الذي جعل طرابلس تفتقد إلى بنية خدمية ومنتجعات للعائلات بدل الاكتظاظ بمكان يعد براحًا جماليًا ينضح بتفاصيل المنطقة ؟! أطفال يحتاجون إلى أكثر من غزالة صغير مقيدة إلى كرسي لتصوير معها وبائع فشار يعبق بزيوته المحيط وخطر مواقد الشاي ، من قال أن الترفيه في ميدان الشهداء واجهة حضارية ونحن نملك الملايين من الكيلومترات من المساحات المهملة يمكن أن تكون ميادين للتنزه وبإمكانات متطورة وأقل مخاطرة وفوضى وأكثر جمالًا ومنطقية .