بقلم / أسماء كعال
قم للمعلم ووفه التبجيلا ..بيت من الشعر نظمه في قصيدة أمير الشعراء – أحمد شوقي – وفي ذلك الزمان لم تكن هناك معلمة تقف في الفصل وتعلم التلاميذ .. أعتقد جازمة أن شوقي كان يقصد المعلم الرجل .. فماذا لو كانت هناك امرأة معلمة؟.. أؤكد أن شوقي سينظم فيها قصيدة عصماء يمتزج فيها الغزل بالتبجيل، تفوق في أبياتها جمالا ما قاله الشاعر :
الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعدت شعبا طيب الأعراق .
أغلب مدارس التعليم الأساسي تولت المرأة التعليم فيها.. وهي قاعدة تربوية صحيحة، على اعتبار أن الطفل يخرج من البيت الذي فيه أمه ليدخل المدرسة ويجد أمامه معلمة، فيري فيها أمه، أضف إلى ذلك حنان المرأة و(وسعة) بالها .
هذه سطور كمقدمة رأيت أن أبدأ بها الحديث لوضع صورة جميلة عن معلمة في مدرسة، وكما أرى أن هناك مثيلا لها تزخر بها مدارسنا رغم امتلاء مدارسنا بمعلمات ما كان لهن أن يكن معلمات لولا الظروف التي دلفت بهن إلى مهنة التعليم، فهن لا يحملن من أوصاف المعلمة إلا صفة معلمة ..
من هي هذه المعلمة كمثال للمعلمة التربوية ؟
لفت نظري تصرفاتها تجاه الأطفال في الصفوف الأولى، فرأيت أن أتبعها على مدى ثلاثة أيام فياترى ماذا تتوقعون نتيجة هذا التتبع ؟
اليوم الأول : في الطابور كانت الشمس قوية.. جاءت المعلمة تقف أمام الصفوف منادية التلاميذ الأطفال – : يا حلوين ارجعوا إلى الخلف.. عن الشمس .. خليكم في الظل.. وسارعت المعلمات لمساعدة طفلة تبكي ربما بسبب الرجوع إلى الخلف .. أخذتها المعلمة على جانب وسألتها: .. (ليش تبكي يا ماما .. أنت حلوة لا تبكي .. خذي حلوة) .. ابتسمت الطفلة وهي تمسح دموعها.
اليوم الثاني : طفلة تاهت ولم تعرف في أي فصل هي .. إدارة المدرسة وضعت على بدلة كل طفل وطفلة شريطا من القماش أحمر .. أزرق .. الخ.. وكل لون يرمز للفصل، فهذا الشريط الأحمر يعني صف أول ألف، والشريط الأخضر يعني صف أول باء .
نادتها المعلمة: (تعالي ياشطورة .. أنت في فصل أول دال .. أخذتها وهي تمسح على ظفائرها إلى فصل أول باء .. هذا فصلك ياشطورة) .. وأخذت تكرر لها والطفلة تردد معها .. خذي هذه الشكلاطة .. أنت تحبي الشكلاطة؟.. فهزت الطفلة رأسها بالإيجاب وحتى عيونها تبتسم .
اليوم الثالث : أثناء خروج الأطفال من المدرسة انفك أحد (سيور) شنطة الطفلة، وسقطت الحقيبة من على ظهرها.. سارعت المعلمة، وأخذت تصلح السير، ثم وضعت الحقيبة على ظهر الطفلة.
من المؤكد أنكم تريدون معرفة هذه المعلمة الرائعة الرائدة ؟
إنها المعلمة سالمة أبو جناح، مديرة الفترة المسائية بمدرسة النصر للتعليم الأساسي بتاجوراء. تطبق المفاهيم التربوية وأساسات علم النفس وما تعلمته من علم في مجال عملها.. فما أحوجنا لمعلمات مثلها.. فهل تقوم مراقبة تعليم تاجوراء، متمثلة في مراقب التعليم، بتكريم هذه الأستاذة في حفل بسيط، ولو في المدرسة؟..
إنها رسالة لمراقب التعليم تاجوراء.. ولو حضر شوقي الحفل لقال : قم للمعلمة ووفها التبجيلا..
لك التحية أيتها الأستاذة من صحفية لا تعرفك ولا تعرفينها، وإنما هي الصدفة وحدها فقط .