ثم ماذا بعد ؟
محمود السوكني
رغم الكم الهائل من التعاطف الذي صبغ كلمات رؤساء الوفود في قمة القاهرة للسلام و ما ابدوه من مشاعر فياضة نحو المأساة التي يعيشها سكان غزة الا أنهم لم يستطيعوا ان يصدروا بياناً ختامياً يوثق هذه المشاعر الكاذبة و يسجل نجاحاً و لو صوريا لهذه القمة التي كافأ رؤساء وفودها ، الدولة المضيفة بالحضور وإلتقاط الصور التذكارية وهذا -على مايبدو- أكثر ما يستطيعون فعله !
لا شئ يشير إلى إحتمال وقف هذه المجزرة التي تمعن دولة الصهاينة في إرتكابها بكل عنف و وحشية لا نظير لها ، و هذا ليس بمستغرب من عصابات الإجرام في تل أبيب خاصة و أن رئيس الدولة الحاضنة (U.S.A) يعلن صراحة عن وقوفه بالكامل و معه تابعيه من رؤساء الدول الاذناب إلى جانب دولة الإحتلال حتى أنه يضطر للكذب عندما يقول انه شاهد صوراً لأطفال يهود مقطوعة رؤسهم (!) و أن ( إسرائيل ) لم تقصف المستشفى المعداني بل الجانب الآخر هو من قام بذلك (!) و عندما ووجه بأفعال العصابات الصهيونية تجاه المدنيين العزل رد بكل برود ( نحن نفعل ما نريد ) متجاهلا النداءات الإنسانية التي تصدر من هنا و هناك و ما تطلقه المسيرات الحاشدة من صيحات مدوية في المظاهرات العارمة التي اجتاحت عواصم العالم بما في ذلك ساحة لافاييت بشارع بنسيلفانيا حيث يقع مقره الرئيسي في واشنطن دي سي .
وقوف رئيس الإدارة الأمريكية إلى جانب العدو المحتل ليس مستغرباً فهو يدافع عن ولاية مجتزئة من ولاياته المتحدة، و مصير إنتخابه لأربع سنوات قادمة متوقف على مدى إستجابته لطلبات عصابتها و شدة إعجابهم به و ثنائهم على أدائه. و قد يكون الأمر كذلك مع الدول الاوروبية الأذناب ، فاللوبي الصهيوني متغلغل في كل مكان و الشركات العملاقة التي تتحكم في إقتصاد العالم و بالتالي في سياسات دوله يتحكم في مصيرها الصهاينة و من يسير في ركابهم ، ولعل وصول رئيس وزراء (بريطانيا العظمى) على متن طائرة شحن عسكرية إلى دولة الكيان الصهيوني وخروجه الغير مسبوق والمخالف للبروتوكول من بين حمولتها الضخمة من الدخيرة والأسلحة لهو خير دليل على مقدار تبعيته وإنحيازه لتلك العصابة المجرمة . لكن الدول الإسلامية و الاقطار العربية الذين يشكلون 41% من دول العالم ويمثلون نسبة 1,6 مليار من عدد سكان الكرة الأرضية لا تخضع لتلك العصابات ، أو هكذا يجب أن تكون ، فلماذا كل هذا الخنوع ؟! لماذا لا يقف قادتها وقفة رجل واحد في وجه الاحتلال ؟ لماذا لا يستجيبوا لصيحات أبناء الأمة التواقين إلى الشهادة قبل لهفتهم على إفتراس العدو وسحقه .
هل يعلم حكامنا الافذاذ ان أطفال غزة يتسابقون على نقش أسمائهم على ايديهم و ارجلهم ليتم التعرف على هويتهم عند موتهم حتى لا يدفنوا في المقابر الجماعية !
لا تنسوا أن التاريخ لا يرحم وعين الله لا تنام .