منصة الصباح

شح المياه في ليبيا أزمة يلمسها المواطن في ظل التهاون عن حل

تقرير| هدى الغيطاني

شح المياه أزمة عويصة تواجه ليبيا منذ سنوات وتتفاقم مع استمرار التغير المناخي وانعدام الحلول.

ذكرت صحيفة “العرب” اللندنية أن تقارير دولية أكدت أن ليبيا في مقدمة الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، حيث حذرت التقارير من خطر استنزاف المياه الجوفية خاصة وأن ليبيا تفتقر إلى المياه المتجددة.

وأشارت التقارير إلى أن الإفراط في سحب المياه التي تستخدم غالبا في الزراعة يهدد سلة غذاء ليبيا خاصة وأن المزارعين يعتمدون على الطرق التقلدية في الري.

وأكدت التقارير أن الجنوب الليبي يواجه مخاطر استنزاف المياه الجوفية، في ظل شح الأمطار.

من جانبه صنف معهد الموارد العالمية ليبيا في أغسطس الماضي ضمن 25 دولة تتعرض حاليا لإجهاد مائي مرتفع للغاية، كما أنها تحتل الصدارة عربيًا في معدل استهلاك المياه بنحو 2392 لترًا للفرد الواحد يوميًا بحسب بيان للبعثة الأممية.

أما البعثة الأممية فأكدت أن كميات المياه المستهلكة تقدر بـ3 أضعاف معدل استهلاك الفرد عربيًا، مشيرة إلى أن هدر المياه يشكل أحد المظاهر المقلقة للاستهلاك غير المستدام، داعية إلى تبني أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة لتوفير المياه

اليونسيف أعلنت أن أكثر من 4 ملايين شخص بمن في ذلك 1.5 ميون طفل سيواجهون مشاكل مائية وشيكة إذا لم يتم إيجاد حلول فورية وتنفيذها

من جانب آخر أكد تقرير لمؤسسة فريدرش ايبرت بعنوان: إمدادات المياه في ليبيا تقترب من مستوى الانهيار، أن الطلب على المياه أصبح ضعف الإمدادات عام 2020 حيث تم إمداد 3820 مليون متر مكعب مقابل الطلب الذي بلغ 7236 مليون متر ككعب ، ويأتي 1.8% فقط من المياه التي تم إمدادها من مصدر متجدد.

وأشار تقرير المؤسسة إلى أن ليبيا تعتمد على المياه الجوفية بنسبة 97% فيما تساهم المياه تساهم بأقل من 3% من إمدادات المياه

وأجريت دراسة في 2022 شملت 45 مدينة في ليبيا أثبتت أن 73% من المشاركين في الدراسة من ترهونة أفادوا بعدم تلبية احتياجاتهم خلال 30 يوما قبل جمع البيانات، كما انخفضت امدادات المياه في غرب ليبيا من 1.2 مليون متر مكعب في اليوم الى 800 الف متر مكعب بسبب التخريب وعدم الصيانة، ووفق التقديرات ستحتاج ليبيا إلى 8 مليارات متر مكعب من المياه بحلول 2025 .

ويبلغ معدل هطول الأمطار يتراوح السنوي بين 100- 600 ملم سنويا معظما في مناطق الساحل، ويتلقى 5% فقط من الأراضي الليبية أكثر من 100 ملم سنويا، بينما يواجه الجنوب جفاف وزيادة في التصحر بسبب المناخ.

وأوصى التقرير بضرورة تحديد أدوار وصلاحيات كل المؤسسات التي تدير المياه في ليبيا وأهمية سد فجوات التنسيق بينها، وشراء قطع غيار ومواد كيميائية لتشغيل محطات التحلية القائمة، والحد من استهلاك المياه في قطاع الزراعة، وإصلاح شبكات المياه، وضرورة تواجد شبكات عالية الجودة، وتأسيس مؤسسة حكومية تعمل على تطوير وإدارة محطات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي.

وأثبتت دراسة فرج علي عمار نصر وعبد السلام محمد المايل بعنوان الإدارة المتكاملة للموارد المائية ودورها في الأمن المائي الليبي، أن إجمالي الموارد المائية التقليدية 4032 مليون متر مكعب أو حوالي 93.5% من إجمالي الموارد المائي التقليدية وغير التقليدية المتاحة في ليبيا البالغة حوالي 4.3 مليار متر كعب في 2004، في حين بلع إجمالي الموارد المائية غير التقليدية حوالي 278 مليون متر مكعب تمثل 6.5% من إجمالي الموارد المائية التقليدية وغير التقلدية المتاحة في ليبيا.

وبلغت تقديرات الحاجات للموارد المائية في الزراعة في 2015 حوالي 6395 مليون متر مكعب، وبلغت الاحتياجات المنزلية من الموارد المائية في 2015 حوالي 824 مليون متر مكعب، وفي قطاع الصناعة بلغت الحاجة لها حوالي 600 مليون متر مكعب، مع الوضع في الاعتبار ان الاستهلاكات النفطية بلغت حوالي 75% من إجمالي احتياجات الصناعة

وببيان العجز الحالي في الميزان المائي للموارد المتاحة يمكن القول أن حجم العجز يقدر بحوالي 275 مليون متر مكعب، كما أكدت الدراسة أن هناك غياب لسياسات وخطط العمل لمتابعة وتقييم قطاع الموارد المائية، وغياب البيانات المجمعة حول المياه

واقترحت ضرورة تطوير التشريعات المائية وضبط وتنظيم عمليات الري والزراعة، ورصد المخالفات القانونية على مؤسسات الموارد المائية ومنظومات نقل المياه للمواطنين والمستهلكين، واستكمال تنفيذ مخططات ومشاريع البنية التحتية والمنشآت المائية، والاستفادة من مصادر المياه غير التقليدية في الاستعمالات المختلفة، والاستفادة من المياه المجمعة في السدود في الري، وإنشاء خزانات مياه احتياطية وإنشاء حقول آبار في المدن الرئيسية، إدخال التقنيات الحديثة في تحلية مياه البحر

بالنظر لهذه التوصيات يمكن لتحلية المياه أن تكون بديلًا محتملًا للمياه الجوفية كون ليبيا تتمتع بساحل طويل، كما أن هناك العديد من محطات التحلية الموجودة على طول الساحل والتي تستخدم تقنيات (التحلية الحرارية و التقطير الغشائي)، الا ان هذه المحطات غير مستثمرة بشكل كافِ، إذ أن إحدى هذه المحطات خارج الخدمة حالياً، بينما تعمل المحطات الأخرى بنحو 28 % من قدرتها التشغيلية بسبب إهمالها وعدم صيانتها ونقص المواد الكيميائية وقطع الغيار المطلوبة.

ولحل مشكلة الري يمكن استغلال محطات معالجة مياه الصرف الصحي في الزراعة، حيث تمتلك ليبيا 75 محطة معالجة، ولكن 10 محطات منها فقط تعمل، وتعالج أقل من 11% من مياه الصرف، ويتم تصريف الباقي في البحر دون أي معالجة مما يتسبب في أضرار جسيمة للبيئة بشكل عام وتلويث لمياه البحر والمياه الجوفية الضحلة.

ومن بين الحلول أيضًا استغلال السدود لجمع مياه الأمطار، حيث تملك ليبيا 16 سداً رئيسياً لتجميع المياه السطحية، إلا أنها لا تساهم كثيراً في إمدادات المياه في البلاد بسبب معدلات التغذية المنخفضة.

وفي سياق آخر يعد الاهتمام بالحفاظ على مياه النهر الصناعي وعدم تعرض خطوطها لاعتداءات من الجوانب المهمة للحفاظ على المخزون المائي في البلاد.

ما بين الدراسات المعدة بشأن أزمة شح المياه، وبين الحلول المقترحة، تغيب الخطوات الجادة عن وضع حلول جذرية لأزمة متفاقمة دقت بشأنها نواقيس الخطر.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …