بقلم /عبد الباري رشيد
الجهود المبذولة طوال ثمانية أعوام والتي عرفت بالمرحلة الانتقالية كادت أن تتكلل بالنجاح وتتجاوز تلك السنوات التي كانت بمثابة تحضير للانتقال إلى الدولة المدنية الديمقراطية، لكن جرى عرقلة تلك الجهود والنجاحات المحتملة من خلال شن الحرب العبثية على العاصمة الكبرى طرابلس ـ
وبدلاً من أن يكون شهر أبريل الماضي الذي حددته الأمم المتحدة من خلال مبعوثها الخاص سلامة شهراً للمصالحة الوطنية وطيّ صفحة المرحلة الانتقالية بصورة كاملة، أصبح نفس الشهر بداية المسيرة في نفق مظلم من جديد من خلال حرب بين أبناء الوطن الواحد .. الذين تحول جزء منهم إلى أدوات دمار وقتل وتخريب وتمثيل بالجثث في مشهد منقول عبر الفضائيات المحلية والدولية .. وأعطت صورة موحشة للمشهد الليبي أمام العالم وليس أمام الليبيين وحدهم خاصة وأن كل شيء أصبح منقولاً عبر الفضائيات ويدخل كل بيت في القرية الكونية التي حلت محل المجتمع الدولي.
لقد اهتزت صورة الليبيين أمام العالم من خلال مشاهد الدمار والقصف العشوائي للمدنيين والتهجير القسري الذي تجاوزت كل تصور، والإحصائيات في تزايد، لكون العدوان لازال مستمراً حتى هذه اللحظات .. ولا أعتقد أن المجتمع الدولي بصورة عامة وأوروبا بصفة خاصة التي نرتبط معها بإطلالة على البحر المتوسط ، وهو ما جعل المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى مرتبطة معها وما يترتب على ذلك من علاقات سياسية وغيرها من الأشياء ستصمت كثيرا على تدهور الأوضاع في ليبيا.
وكان الرئاسي يرتب الأوضاع كي يصبح المؤتمر الوطني الجامع الذي تقرر انعقاده في مدينة (غدامس) يوم 14 أبريل الماضي بوابة عبور للمستقبل .. وطوي صفحات المرحلة الانتقالية التي اشرنا إليها.. ودخول مرحلة البناء الكامل للدولة المدنية بدستورها الدائم وبإنتخاباتها التشريعية التي تفرز عادة نواب الشعب عبر صناديق الانتخابات وبقية أبجديات الديمقراطية السائدة في العالم والتي تسير عليها معظم الدول.
لقد وضع رئيس المجلس الرئاسي … جميع الأطراف الدولية والإقليمية في الصورة .. عندما أشار أيضاً إلى خلفيات تلك النظرة التفاؤلية المنبثقة من الواقع حيث أوضح أن لقاءه السادس في (أبوظبي) مع حفتر اشتمل على عدة أساسيات أبرزها .. استبعاد الحل العسكري ودعم المؤتمر الوطني الجامع ، ووضع استراتيجية لبناء الجيش الموحد .. فضلاً عن تبنّي مسار إعلامي ناضج بعيداً عن خطاب التأجيج والكراهية .. ولكن كل تلك التفاهمات والأساسيات ضرب بها حفتر عرض الحائط ، بحيث جاء عدوانه يوم 4 أبريل الماضي بمثابة محاولة انقلابية لتقويض العملية السياسية ورفض الانتخابات .. والدولة المدنية الديمقراطية .. وإعادة البلاد إلى دوامة الحروب التي ترتقي إلى حد تسميتها بالحرب الأهلية كونها تدور بين أبناء الشعب الواحد .. ويسقط فيها الضحايا .. وتكون الضحية الأولى والخاسر الأكبر فيها ليبيا.