منصة الصباح

لوحات‭ ‬الأكاكوس‭ ‬

بقلم /منصور‭ ‬أبوشناف
كان‭ ‬الرقش‭ ‬والرسم‭ ‬كتب‭ ‬الإنسان‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الحيوان‭ ‬وعلم‭ ‬التشريح‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬السحر‭.‬
الإنسان‭ ‬هنا‭ ‬بالأكاكوس‭ ‬رقش‭ ‬أو‭ ‬ثبت‭ ‬على‭ ‬الصخور‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬يسميها‭ ‬المختصون‭ (‬مرحلة‭ ‬الحيوانات‭ ‬المتوحشة‭) ‬رقش‭ ‬حيوانات‭ ‬بيئته‭ ‬إذْ‭ ‬ذاك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرقش‭ ‬نفسه‭ ‬لتخلو‭ ‬رقوش‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬صورة‭ ‬للإنسان،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬منشغلاً‭ ‬عن‭ ‬ذاته‭ ‬بمخاطر‭ ‬ما‭ ‬حوله‭.‬
البقر‭ ‬يتسلل‭ ‬إلى‭ ‬الرقوش‭ ‬خجلاً‭ ‬قليلاً‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬ولكنه‭ ‬يدخل‭ ‬مصحوباً‭ ‬بالإنسان،‭ ‬إن‭ ‬الإنسان‭ ‬هنا‭ ‬بالأكاكوس‭ ‬يدخل‭ ‬الرقوش‭ ‬وكأنه‭ ‬يعود‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬صيد‭ ‬طويلة‭ ‬مصحوباً‭ ‬بكائنات‭ ‬ستغير‭ ‬حياته‭ ‬ونمط‭ ‬معيشته‭ ‬ليتحول‭ ‬من‭ ‬الصياد‭ ‬إلى‭ ‬الراعي‭..‬
لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬الصيد‭ ‬كما‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬لوحات‭ ‬الأكاكوس‭ ‬ولكنه‭ ‬بدأ‭ ‬يظهر‭ ‬مزوداً‭ ‬بالرمح‭ ‬والفأس‭..‬
لقد‭ ‬صار‭ ‬الصياد‭ ‬الذي‭ ‬يدجن‭ ‬الحيوانات‭ ‬القابلة‭ ‬لذلك‭.‬
ليتحول‭ ‬الحيوان‭ ‬ليس‭ ‬إلى‭ ‬فريسة‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬شريك‭ ‬حقيقي‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬رحلته،‭ ‬ليسم‭ ‬مراحل‭ ‬من‭ ‬تاريخه‭ ‬كما‭ ‬سنجد‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الرعي‭ ‬ومرحلة‭ ‬الجمل‭ ‬لاحقاً‭.‬
لوحة‭ (‬الحلابة‭) ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬رقش‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الإتقان‭ ‬لامرأة‭ ‬تحلب‭ ‬بقرة‭ ‬تمثل‭ ‬أعلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬فن‭ ‬الرقش‭ ‬حيث‭ ‬الخطوط‭ ‬الواثقة‭ ‬المتقنة‭ ‬وحيث‭ ‬يبدو‭ ‬فنان‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬يستعد‭ ‬لدخول‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬سيرته‭ ‬الحضارية‭.‬
الرقش‭ ‬لانجده‭ ‬داخل‭ ‬الكهوف‭ ‬إنه‭ ‬بالفضاء‭ ‬المقتوح‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬استعداداً‭ ‬للصيد‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬الرقش‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬مناورة‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الهجوم‭ ‬مباشرة‭.‬
مع‭ ‬البقر‭ ‬والتدجين‭ ‬والرعي‭ ‬يدخل‭ ‬فن‭ ‬الكهف‭.‬
ينتقل‭ ‬إلى‭ ‬الرسم‭ ‬بدل‭ ‬الرقش‭ ‬إن‭ ‬طوراً‭ ‬آخر‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬يبدأ‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬البقر‭ ‬والإنسان‭ (‬الرسم‭ ‬بدل‭ ‬الرقش‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الطور‭ ‬الجديد‭ .‬
إن‭ ‬ما‭ ‬استغرقنا‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬سطوراً‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الرقش‭ ‬إلى‭ ‬الرسم‭) ‬يأخذ‭ ‬من‭ ‬فنان‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬ألفي‭ ‬عام‭.‬
الرومانتيكيون‭ ‬الضالون‭ ‬من‭ ‬أمثالي‭ ‬يقولون‭ ‬ألفي‭ ‬عام‭ ‬هكذا‭ ‬سبهللاً‭ ‬ولكن‭ ‬تخيلوا‭ ‬ألفي‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الحفر‭ ‬بالصخر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خطوة‭ ‬الى‭ ‬الأمام‭ ..‬
‭(‬موري‭ ‬وهو‭ ‬رومانتيكي‭ ‬قيده‭ ‬العلم‭ ‬قال‭: ‬حين‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬كتابه‭ ‬بالعربية‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬كهف‭ .. ‬أوه‭ ‬إنها‭ ‬حديثة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬الخمسمئة‭ ‬عام‭).‬

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …