(لكنة طرابلسية )!!
زكريا العنقودي
لقد عانيت كثيراً في حياتي، وانا هنا لست بصدد ذكر كل تلك العواثر، فجلكم يعلم ذلك، يكفي أنني فقدت والدي رحمه الله وأنا بسن التاسعة ..والحمد لله انا على باب الستين، وتجاوزت واخوتي بفضله تعالى اغلب العثرات.
لكن هناك عثرة لازمتني طوال عمري ولازالت إلى الان ربما باقل حدة لكنها مستمرة وهي لكنتي الطرابلسية .
لربما يبدو لكم الامر بسيط ولايستحق عرضه كمشكلة لكونها لا تعنيكم، فهي تعني سكان هذه المدينة اب عن جد وهذا واقع عشته . اللكنة كانت من اهم مشاكلي طبعا ولن اعمم هنا، ولكني ساذكر اختزالا كيف أنها بمجال عملي كانت اكبر مشاكلي
ولاختصر عليكم الامر لذا توجب اضع توقيت لهذه المسالة انا الذى اعطى من عمره اربعين عام بالعمل الوظيفي .لربما هان الامر الان قليلا بعد التقنية والانترنت و (خشوش البلاد في بعضها ) .
لكن قديماً خاصة في عقودي الأولى بالعمل كان الامر كارثة .
ففي عملي كمثال كانت لكنتي الطرابلسية أهم مشاكلي طبعا انا احب زملائي وبدورهم يحبونني لكننا نحن معشر الطرابلسية كنا قلة ونعد على اصابع اليد الواحدة أما اغلب العاملين فكانوا من كل اصقاع ليبيا .. ودع عنك حكاية المدير اول مايستلم العمل يجيب معاه نص افراد قبيلته، وهاذوا طبعا لهجتهم واحدة بالتالي مصالحهم واحدة، فنجد أنفسنا صغار طرابلس في اخر الصف في تولية المناصب و توزيع المهام والمكافآت، لا لعيب فينا فنحن كفاءات أيضا، لكن عيبنا الوحيد لكنتنا المدينية.
هم لا يخبرونا بذلك وجه لوجه فهم يعلمون أن ردودنا ع راس لساننا، وان التلقيح وضرب المعاني صناعتنا لكنهم وفي السر يرددون (سحانين زنيلوات جماعة المكياتا والبريوش.. والعكسة في راس الزنق بعدين هاذوا مايسمعوش حتى في العربي هاذو الجماعة موزيكة عبدة الشيطان ) .
مايهم لربما دفعنا ثمن لكنتنا وعاداتنا قديماً.
لكني الان احمد الله فالامر أخذ نحو التحسن فمواقع السوشال ميديا والتواصل ، فيس ، تويتر. ، تيلجرام والماسنجر والواتسب ووو في الطريق وان طال الامر لتصل بنا للكنة ليبية موحدة وان وجد اختلاف فأكيد أنه سيكون بسيط ولايكاد يذكر .
وزحف المدينة الذي نشهده الان بعاداتها وتقاليدها على كل جغرافيا ليبيا، ازال الكثير من الفوارق فلم تعد المكياتة والسبريسو والبريوش والبيتسا حكراً علينا بطرابلس ففي كل مدينة الان صار شبيه للحاج فتحي وبكل مدينة كافتيريا شنابو وبيتساريا فورنو .. وصار البريوش اكلة شعبية ليبية وكريب الشكلاطة والفستق حتى في الصحراء تلقاه .. اما الروك اند رول والريجي والراب فسمعته ووجدت ملمين به بمناطق تبعد على طرابلس مئات الكيلو مترات …
المهم غير خطرها .. قداش عانيت من لكنتي الطرابلسية حين كنت اجلس وحيداً أتحدث خاصة خارج طرابلس والكل مستغربا سرعة حديثتي وتراكيب الجمل في كلماتي وكيف اختزل العشر سطور في كلمة .. في حين صرت اجلس الان كبكوش لا لسان له في جوقة متكلمين لهم سبع السن وكلهم يتحدث في وقت واحد لافواصل ولا نقط .
ولا حتى استراحة لموعد الاذان .