استطلاع وتصوير: عفاف التاورغي
خلال أيام قليلة فقط، شهدت الأسواق الليبية قفزة مفاجئة في أسعار لحوم الدواجن، لتتحوّل من غذاءٍ شعبي على موائد الفقراء إلى سلعة فاخرة يصعب الوصول إليها. مشهد السوق تغيّر، والدهشة امتزجت بالاستياء، فيما بقي المواطن يترقب دون أن يفهم سبب هذا الغلاء المفاجئ.
في جولة لفريق «الصباح» داخل أحد محال بيع الدواجن بسيدي خليفة، ارتسمت على وجوه المتسوقين ملامح الحيرة والعجز أمام الأسعار الجديدة.
المواطن رمضان الأجنف عبّر بمرارة قائلًا:
“قبل كانت العيلة تشري دجاجة كاملة، توا بالكاد نلحقوا على أجنحة. المحل يقول الحضيرة غالية، والحضيرة تقول العلف غالي، والعلف مربوط بالدولار… والنتيجة المواطن هو اللي يدفع الثمن.”
كلمات رمضان تختصر وجع كثير من الأسر التي وجدت نفسها أمام معادلة صعبة بين لقمة العيش وارتفاع الأسعار، لتتحوّل أبسط الوجبات اليومية إلى عبء ثقيل على المائدة الليبية.

من جانبها، أوضحت حنان المسلاتي أن الأزمة مركّبة، تبدأ من الأعلاف وتنتهي عند المستهلك:
“العلف والوقود والنقل… كلها زادت. والفتوى اللي منعت استيراد لحوم البرازيل زادت الضغط على المحلي. البيض مثلًا ارتفع من 10 إلى 19 دينارًا، وهذا رقم مرعب للي دخله محدود.”
وتضيف: “الحل في دعم المزارع وتشديد الرقابة على الأسعار بدل ترك السوق للفوضى والمضاربة.”
أما الخبير الاقتصادي علي بن الطاهر فيرى أن الأزمة ليست عابرة:
“العرض المحلي لا يغطي الطلب، والقيود على الاستيراد بعد الفتوى الأخيرة رفعت الأسعار أكثر. استمرار الوضع بدون تدخل حكومي سيضاعف الأعباء المعيشية ويعمّق الفجوة بين الدخل والأسعار.”

ويقدّم الخبير أحمد الخميسـي قراءة رقمية توضّح عمق المشكلة:
“إنتاج لحوم الدواجن في ليبيا بلغ نحو 130 ألف طن سنة 2022، وهو يغطي نصف حاجة السوق فقط. خلال ثلاثة أشهر ارتفعت الأسعار بنسبة 21%، وهو مؤشر تضخمي خطير يهدد الأمن الغذائي ويزيد إنفاق الأسر على حساب الضروريات الأخرى.”
في النهاية، تبدو أزمة لحوم الدواجن مرآة لهشاشة منظومة الإنتاج والرقابة معًا.
ومع غياب الحلول الجذرية، سيبقى السؤال مطروحًا:
هل نعيد للدجاج مكانه على المائدة الليبية؟ أم نودّعه كأحد مظاهر الرفاهية التي باتت بعيدة المنال؟
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية