منصة الصباح

لا تمتحنوا صبر الليبيين أكثر

فتح بنك مصر الوطني الباب واسعًا لخوض معترك الصناعة باستثمارات تخدم مصلحة مصر وليس خزائن البنوك الأجنبية المسيطرة عليها اقتصاديًا وسياسيًا، وقاد “محمد طلعت حرب” الاقتصاد المصري بسلسلة صناعات شملت كافة المجالات واستفاد الساسة من التغيرات العالمية التي أعادت تشكيل مراكز القوى وغيرت مفهوم ونهج الإستعمار، وتم توظيف واستثمار الخامات الفلاحية والرعوية والصيد البحري والأيدي العاملة في دورة اقتصادية متكاملة تستثمر في كل ما هو مصري لخدمة مصر وانعكس أثرها حتى على الثقافة والفنون.

نحن لدينا مصرف مركزي واقتصاد، لكن هل لدينا دورة اقتصادية حقيقية تستثمر في الإنتاج الليبي وتدعم الفلاح والصياد والراعي والمنتج الليبي واليد العاملة الليبية وتوفر فرص الربح الحقيقي بعد استقطاع الرسوم والضرائب والجمارك لصالح الدولة وبما يساهم في رفع مستوى المعيشة وتوفير فرص التجارة والتصدير للخارج بمبدأ تكافؤ الفرص؟

تم تفكيك أغلب المصانع وتحويل أراضيها مقسمات يبيعها أصحاب النفوذ، وتسرّب العمال والمنتجون تجاه البطالة أو الوظيفة العامة، ولدينا تجار يحتكرون خدمات المصارف ويستحوذون على الاعتمادات ويستخدمون بعضها في جلب مواد من الخارج وتعليبها وتغليفها وإعادة بيعها لليبيين بأسعار تعتمد على أهواء صاحب البضاعة، لماذا نستورد بودرة اللبن والعصائر وغيرها من الخامات ولدينا القدرة على إنتاجها محليًا؟ عبر دعم الفلاح بتوفير الأسمدة واللوازم المختلفة وبشراء منتجاته من الحليب والجبن والزبدة والسمن والصوف والجلود واللحوم والخضروات والفواكه والحبوب والأعلاف والبيض والدواجن؟ إن دعم المنتج الليبي ليس دعمًا للإقتصاد فقط بقدر ما هو استثمار لتعزيز الأمن الغذائي والاجتماعي الليبي، لماذا نحاصر الفلاح والمربي ونضطره لهجر أرضه واللجوء للتوظيف؟ ولماذا نترك الصياد الليبي يواجه المصاعب دون دعم من الدولة ثم نشتم البسطاء الذين حولناهم لمستهلكين لسلعنا في نهاية الأمر ونتهمهم بالإتكاء على الدولة ونحن المتكئون الفعليون وعلى مرأى ومسمع من الدولة؟

يجب تخصيص الاعتمادات لاستيراد ما يدعم الإنتاج الحقيقي من الأبقار والأغنام والدواجن والآلات والمعدات الصناعية والزراعية لتوطين صناعات ليبية إنتاجية حقيقية وليس صورية استهلاكية، وأن يُفتح الباب أمام الجميع وفق ضوابط عادلة تراعي المصلحة العامة، وأن يسدد الجميع نظير ما استفاد واحتكر، ولابد لأي متحدث من احترام الليبيين… ولا تمتحنوا صبرهم أكثر.

أحلام محمد الكميشي

شاهد أيضاً

عبدالسلام الغرياني

أمريكا من الجنوب إلى الشمال: قراءة جديدة لهوية القارة في كتاب غريغ غراندين

تحرير عبدالسلام الغرياني عن مجلة The New Republic في كتابه الصادر حديثا”أمريكا، أمريكا: تاريخ جديد …