هاشم شليق
عدد من النقاد رأوا فيما ذكرته كاتبة روسية طرحا متشائما ومؤامراتيا مبنيا على تفسير تقليدي محافظ للعصر الرقمي..حيث حذر كتابها “من سيحكم العالم؟” لمترجم عراقي من “الدكتاتورية الناعمة” التي تتخفّى خلف وعود التحديث..فهي ترى إنها تؤدي إلى نشوء نظام شمولية رقمية هدفه النهائي هو إنتاج “الإنسان ذو الزر الواحد” تحت سيطرة الحوكمة العالمية..بهدف السيطرة على الوعي والسلوك الاجتماعي وتجريد الإنسان من إرادته الحرة..لكن مثلما استورد الأوروبيون من العرب حتى لباس الجورب وكانوا جسرا لنقل العلوم والمعارف من الحضارات القديمة إلى أوروبا بعد تطويرها..كما ظل كتاب القانون في الطب يُدرس في جامعات الغرب حتى القرن 17..وأسس العرب علم الجراحة..وأدخلوا الصفر ما أحدث ثورة في الرياضيات الأوروبية..وأنشأوا مراصد فلكية دقيقة..كما أدخلوا إلى أوروبا العديد من المحاصيل الزراعية الجديدة..ونشروا بعض مفاهيم التجارة والاقتصاد التي أثّرت في الأنظمة الأوروبية الاقتصادية لاحقا..ٱتى علينا الدور لنستورد مايكروسوفت وغوغل و الذكاء الاصطناعي الذي تم استقاء بداياته من نظريات العالم العربي الخوارزمي..نعود إلى الكاتبة التي تدعو إلى إعادة التفكير في مفهوم التقدم وتُطالب بوقف “عبادة التكنولوجيا” محذرة من تحوّل الإنسان في كل مكان إلى “كائن قابل للبرمجة” من خلال الهوية الرقمية العالمية..وتقف ضد التعليم الموحد عبر الإنترنت وتراه جزءا من “هندسة عالمية جديدة” للإنسان والمجتمع..وتختتم المؤلفة بالقول أن المستقبل الإنساني مهدد إذا لم يُعاد التوازن بين التقنية والقيم..وبالأمس قال لي صديق في مقهى حول نفس الموضوع “كيفما يأتيك الوقت اذهب إليه”..بمعنى لاجدوى من السباحة عكس تيار الرقمنة..أما الإنسان المعاصر الذي فقد الإتصال بتطبيق قوله تعالى “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً”..فقد جعله ذلك الابتعاد يعاني الاغتراب النفسي أو المعنى العميق لوجوده في مواجهة طوفان التكنولوجيا..بينما لا خوف من ركوب المواطن المحصٌٓن ثقافيا لسفينة نوح الحديثة..