هاشم شليق
هل لازال هناك جمهور يقرأ الطرح العميق للأفكار؟ خاصة أجيال اليوم منهم..وهل نبحث عن فكر كاتب يجيب عن استفسارات ويولّد أسئلة؟..
وهل مرمى الكتابة هو الوقوف عند بسائط الأمور أم أنه ابعاد القاريء عن الإقتراب من الوضوح السهل ومن ثم دفعه للعزوف عن القراءة نتيجة اجباره مرارا على سلوك درب القراءة الصعب بدلا من شمولية البداهة..
لقد قرأت في مطبوعة “المجلة” أن ديكارت ليس ديكارتيا وهو الذي اشتهر بـمنهج يمتدح الفكر التحليلي لكنه سرعان ما انتقل من البسيط الى المعقد..من المنتمي للعموم إلى الشريحة اللامنتمية..
إن الكتابة المعاصرة يهمها ما تتخطاه من عقبات وما تتجاوزه من أزمات..فالإنسيابية لا تجد الطريق معبدا والنهج ميسرا وإنما عليها أن تتجاوز خطوط الكتابة الحمراء من منطلق ان حرية التعبير مسؤولية..في محاولة اللا إنتقاص من إعمال حرية الفكر والوقوع في محظور الإيقاف والفرملة والكبح..
إنه المكان الذي يجرؤ فيه الكاتب على أن يكون صادقا ومترددا في آن واحد..وبجانبي الآن الصحافي الذكاء الاصطناعي الذي أكد ماطالما يجول بخاطري من أن كتابة المقالات البديهية حرفة لا يجيدها الكثيرون..فهي تتطلب الموازنة بين الوضوح والتناغم أثناء سرد النص..فلابد للكاتب أن يخاطب عالم قراءه لا عالمه..وفي عصرٍ يندر فيه التركيز تأتي المقالة المباشرة تحت عنوان “هذا يستحق وقتك ايها القاريء”..حيث يُفضِّل قراء اليوم الكتابة التي تبدو طبيعية..
بمعنى نبرة حوارية بدلا من مصطلحات أكاديمية وانتقالات سلسة بدلا من بنية جامدة واستعارات مرتبطة بدلا من نظرية مُجرَّدة..الكتابة الحدسية الجيدة تعكس طريقة تفكير الناس..فالقراء المعاصرين يقرأون سريعا ثم يتعمقون لأن النص دعاهم إلى ثلاث وجبات ثقافية..يكمن السر في أن تعيش الكلمات في كل لحظة كأنها كُتبت للتو وليس قبل خمس سنوات..تترك انطباعا دائما لدى القراء أن كاتب هذا النص من السهل القراءة له على الدوام..
أي خلق لحظة يشعر فيها القارئ بأنه “هذا الكاتب يفهمني”..تلك هي مقالات السهل الممتنع لعدد من الكتّاب في الصحافة الليبية بنكهة عالمية وتستحق نصوصهم الترجمة وكنموذج ليس حصرا الاستاذ عبد الرزاق الداهش..فكما قالت كاتبة وروائية أمريكية “المقال المعاصر يتجول بين الناس ولا ينغلق على نفسه”..