منصة الصباح
قرية كاراهان تبه في تركيا تعيد كتابة تاريخ الحضارة البشرية

قرية كاراهان تبه في تركيا تعيد كتابة تاريخ الحضارة البشرية

في اكتشاف يهز أركان علم الآثار والتاريخ البشري، تواصل الحفريات في موقع “كاراهان تبه” (Karahan Tepe)، جنوب شرق تركيا، إزاحة الستار عن أسرار قرية ضخمة يعود تاريخها إلى ما يقرب من 11,400 عام

(تنتمي للعصر الحجري الحديث ما قبل الفخاري A)، لتؤكد على أن التجمعات البشرية المستقرة والمشاريع المعمارية الضخمة ظهرت قبل آلاف السنين من اكتشاف الزراعة.

يُعد “كاراهان تبه” جزءاً من مشروع “تاش تبيلار” (Taş Tepeler – تلال الحجارة) التركي، الذي يضم 12 موقعاً أثرياً قديماً في محيط مدينة شانلي أورفا، أبرزها شقيقه الأشهر “غوبكلي تبه” (Göbekli Tepe)، أقدم معبد معروف في العالم.

لقد تحدى الاكتشاف المفاهيم السائدة في الكتب المدرسية لعقود، والتي كانت تعتبر أن الاستقرار البشري وتشييد القرى نتج بشكل مباشر عن ممارسة الزراعة وتربية الحيوانات.

وأكد البروفيسور نجمي كارول، رئيس الحفريات والأستاذ بجامعة إسطنبول، أن الاكتشافات في “كاراهان تبه” تبرهن على أن التنظيم الاجتماعي والاعتقادات المعقدة والطقوس الدينية كانت هي الدافع الأولي لإنشاء المستوطنات الدائمة، حيث عاش الصيادون والجامعون بشكل دائم في هذا الموقع لمدة تقدر بنحو 1500 عام دون وجود أدلة على نباتات مزروعة.

ويشير هذا التزامن بين المساحات الطقسية والسكنية، كما كشفت عنه الحفريات، إلى نظام اعتقادي معقد ومستوى مذهل من الهندسة المعمارية في عصور ما قبل التاريخ.

أقدم منحوتة بشرية واقعية وأسرار الطقوس

كانت الاكتشافات التي أُعلن عنها رسمياً بالتعاون بين الخبراء الأتراك والألمان، وبدعم من وزارة الثقافة والسياحة التركية، مذهلة من الناحية الفنية والتاريخية ، حيث عر على تمثال الإنسان الواقعي الأقدم وهو تمثال ضخم يبلغ طوله 2.3 متر، يصور شخصية بشرية واقعية جالسة، تُعتبر أقدم مثال لنحت بشري واقعي تم اكتشافه حتى الآن، ويحمل التمثال علامات عميقة للأصابع والأضلاع وياقة على شكل حرف V حول العنق، مما يشير إلى مهارة فائقة في فن النحت على الصخر.

كما عثر على المحراب الطقوسي الفريـد حيث تم اكتشاف غرفة دائرية مُنحوتة بالكامل في الصخر تتضمن 11 عموداً ضخماً على شكل رموز ذكورية (قضبان)، يشرف عليها نقش لرأس مُلتحٍ يخرج من الجدار بجسد أفعواني.

ويُعتقد أن هذا المكان كان مخصصاً لطقوس الخصوبة أو العبور، مما يمثل واحداً من أوائل الأمثلة المعروفة للرمزية الطقسية الجريئة.

كما تم اكتشاف المسلات (T-Shaped Stelae): فقد عُثر على عشرات المسلات على شكل حرف T، وهي سمة مشتركة مع “غوبكلي تبه”، وتُعد تجسيداً تجريدياً للجسد البشري، بالإضافة إلى منحوتات حيوانية مفصلة مثل نسر (Vulture)، وثعابين، وغزلان.

وتضع هذه المكتشفات “كاراهان تبه” في مصاف المواقع الأثرية الأهم عالمياً، حيث تفتح نافذة غير مسبوقة على بدايات الحضارة البشرية وتكشف عن تعقيد المجتمعات التي عاشت في الأناضول قبل 11 ألف عام.

المصادر التقرير وزارة الثقافة والسياحة التركية، فرق التنقيب برئاسة البروفيسور نجمي كارول، تقارير دوريات ومواقع علم الآثار الرصينة مثل The Art Newspaper .

شاهد أيضاً

وفد إيطالي وبرنامج الأمم المتحدة لتقييم الوضع المائي في يفرن والقلعة

وفد إيطالي وبرنامج الأمم المتحدة لتقييم الوضع المائي في يفرن والقلعة

 زار وفد إيطالي وبرنامج الأمم المتحدة بلديتي يفرن والقلعة للوقوف مباشرة على تحديات الأمن المائي …