منصة الصباح

كاتب وكتاب .. ” الغاية تبرر الوسيلة”

عبدالله موني

لم يرتبط اسمه بأي معنى طيب في ذهن أكثر القراء العرب ، الذين لا يعرف أغلبهم شيء عنه سوى أنه صاحب العبارة الشهيرة ( الغاية تبرر الوسيلة)

التي تعني الوصول للهدف بأي طريق كان حتى ولو استخدمت أساليب غير شريفة.. تلك العبارة التي صنفت بأنها أكثر العبارات شرا ووصف صاحبها بأكثر الشخصيات تطرفا.

واليوم في سلسلة كاتب وكتاب نتسلل لعقل صاحب هذه العبارة ونغوص فيه من خلال تفصيص محتويات كتابه الشهير الذي أثار جدلا كبيرا، عندما نشر لأول مرة والذي كان له سبق الإقتراب من موضوع لم يقترب منه أحد قبله وهو ( أخلاقيات السياسة ) الكتاب الذي أجمع النقاد على أن ما جاء فيه من آراء وتوجيهات شريرة لا يتناسب إلا مع الطغاة الأشرار من الزعماء والحكام ، وقد أدرجت جميع مؤلفاته بقائمة الكتب الممنوع نشرها . ولم ينشر كتابه هذا إلا بعد وفاته بخمس سنوات الذي ظل مند ذلك الحين حتى يومنا هذا الكتاب المفضل لدى الكثير من الطغاة والجبابرة ، فقد اختاره موسلینی دکتاتور روما موضوعا لرسالة الدكتوراه التي كان يعدها ايام دراسته ، وكان هتلر لا ينام قبل أن يقرأ أجزاء منه وقد تتلمد ليبنين وستالين على افكاره وجعلا منها منهجا سارا عليه واستفادا منه في اتخاد الكتير من قراراتهم السياسية .

و العبارة ( الغاية تبرر الوسيلة ) تقابلها في ادبيات واخلاقيات العرب ( الضرورات تبيح المحظورات)

هذا الكتاب وضع للحكام الأسس التي مكنتهم من اختيار قاداتهم ومستشاريهم ، وحثهم على البطش بمعارضيهم والقضاء عليهم والكتاب فيه القليل من الخير والكثير من الشر ، سنأتي على ذكرها بنقاط وجمل مختصرة ومضغوطة وللكتاب قصة لا مناص من ذكرها لنفهم لماذا وجد اصلا مثل هذا الكتاب وسنحاول الاختصار بالقدر الذي تسمح به الأمانه تجاه المحتوى.

فمن هذا الكاتب وما إسم هذا الكتاب ؟

نيكولا دي برناردو دي ميكافيلي ، ولد وتوفي بفلورنسا كان مفكر وفيلسوف وسياسي ايطالي وهو واحد من رواد عصر النهضة الأكثر تأثيرا في العالم الجديد الناهض من رحم العصور الوسطى والذي أصبح الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي ومؤلف كتاب (الأمير) موضوع بحثنا الان الكتاب الذي اصبح عصب دراسات علم السياسة والذي هدف من تأليفه أن يكتب تعليمات للحكام والامراء يتبعونها في ادارة شئون دولهم .

واستند الكتاب على فكرة ( أن ما هو مفيد فهو ضروري ) الفكرة التي بكرت بالنفعية الواقعية السياسية، الف الكتاب سنة 1513 ميلادي وقدمه كهدية للأمير ، ( لورنزو التاني ) على أمل استعادة منصبه الذي فقده بسبب دخول الجيش الفرنسي الفلورنسا، والكتاب غني بالأفكار الناجمة عن تجارب ميكافيلي المباشرة في الحكم والسياسة، خلال ثلاثة عشر سنة تقلد فيها مناصب هامة قبل الغزو الفرنسي.

والكتاب اجتهاد في قراءة كتابات الأولين، استخلص منها الأفكار والعبر التي بلورها في كتابه الأمير بدقة وبساطة وعمق وواقعية وايجاز.

تعرض الكتاب لسؤ فهم كبير خاصة من الأدباء والسياسة الانجليز والفرنسيين

  • والوسط الكنسي ، ولم يسطع نجمه الا مع ظهور فلاسفة الانوار (روسو، فخته، هيغل) حيت لفتوا له الأنظار بتناول نصوصه وشرحها ، والكتاب بين لنا ما هو الأمير وكيف ينبغي أن يكون وقد حصر ميكافيلي جملة من الصفات التي ينبغي أن تتواجد بالأمير المثالي القتل كالأسد والمكر كالثعلب، اد على الأمير أن يجمع بين صفات مكر الثعلب وشراسة الأسد فيكون ثعلبا يميز الفخاخ ويتجنبها وأسد يرهب باقي الحيوانات
  •  على الأمير أن لا يستهدف شيء اكثر من التفكير في الحرب اد عليه ألا يفكر في اي دروس سواها اد هي الفن الوحيد الذي يحتاجه لتولي القيادة
  • يؤكد على ضرورة المعرفة وكسب الأصدقاء والحفاظ على صداقة الملوك والأمراء ، ويؤكد أيضا على ضرورة خطب ود الشعب لأنهم المخرج الحقيقي في الحروب والمصائب.

* خلق نخب جديدة مع كل امارة جديدة من العسكريين والمدنيين هذا مجمل النصائح الطبيعية المنطقية ثم ينحى ميكافيلي منحى آخر في النصح والارشاد بجملة من النصائح المتناقضة يجعلها سببا للنجاح والتميز وهي بأختصار شديد :

  • الاتصاف بالشدة والرحمة معا
  • الشهامة والتحرر
  • فرض الحب والخوف على رعاياه
  • الاحتلال بالقوة و الخدعة
  • القضاء على المتطوعين القدامى وخلق قوة جديدة
  • ادخال البدع بدل العادات القديمة و بسط الاحترام والتبعية على جنوده
  • من الأفضل أن يخافك الناس على أن يحبوك لذا توجب الاختيار بينهما

* على الأمير أن يفرض الخوف منه بطريقة يتجنب بواسطتها الكراهية .

* ولم يقتصر ميكافيلي على التنائيات المتناقضة فقط لكنه اختار اقبح وابشع الصفات للأمير الناجح لخصها في التالي :-

  • الشح والقسوة
  • النكت بالعهود والغاية تبرر الوسيلة
  • النذالة
  • تخريب المدن العتيقة
  • تحطيم طبقة النبلاء
  • يحذر الأمير الناحج من الطيبة المستدامة ويطلب منه استعمالها حسب الظروف
  • اتقان الخداع لانه سيجد دائما الذين هم على استعداد لان تنطلى عليهم خديعته
  • الوصول إلى الإمارة في الغالب يتم عن طريق النذالة والقبح
  • على الأمير الذي يرغب في الحفاظ على إمارته ارتكاب الشر أحيانا ، فالكراهية تنتج عن الأعمال الطيبة كما تنتج عن الأعمال الشريرة
  • من الممكن الإخلال بالوعود لذا أصبحت مضرة بالإمير
  • . استخدام الحيلة والمكر في التحكم في الأمور
  • السخاء للوصول إلى الإمارة ضروري ولا بأس به لكنه يصبح ضررا بعد الوصول إليها . الخلاصة أنه يطلب من الأمير للحفاظ على إمارته أن –
  • يتميز بالحيطة والحذر
  • الحيوانية في القتال
  • اللا إنسانية في التعامل
  • البطش، الخيانه ، النكث بالعهود والمواثيق.

شاهد أيضاً

المنفي يبحث عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بطرابلس

  ناقش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بالعاصمة طرابلس. جاء …