منصة الصباح
قمة شرم الشيخ.. سلامٌ منشود وحق عودة مفقود

قمة شرم الشيخ.. تنفيذ مبادرة “ترامب” ووأد القضية

تقرير/ مفتاح الصغير

وقَّع رؤساء دول مصر وقطر وأمريكا وتركيا، اليوم الثلاثاء، خلال انعقاد قمة “السلام” بمدينة شرم الشيخ المصرية، على وثيقة شاملة لإنهاء الحرب في غزة، بين حركة حماس ودولة الكيان الإسرائيلي، دون حضور الطرفين المتنازعين، بعد مفاوضات قادتها الدول الأربعة خلال الفترة الماضية..

وتضمَّنت بنود الوثيقة الاتفاق على الحاجة لآليات دولية للمتابعة، ومنع عودة الصراع، ومشاركة “31” دولة ومنظمة دولية، تحت رعاية مشتركة للرئيسين “السيسي، وترامب”، لوضع أسس إعادة الإعمار، وتتويج الجهود الدبلوماسية باتفاق شامل لوقف النار، ووضع إطار لما بعد الصراع..

وتهدف الوثيقة، التي وصفها “ترامب” ب”اتفاق شامل للغاية”، بعد وقف إطلاق النار، إلى وضع أسس “المرحلة الثانية”، المتمثلة في إعادة الإعمار والبناء، وإنشاء آليات دولية للمتابعة بهدف منع تجدد النزاع، موضحاً أن مسألة جثامين المختطفين الإسرائيليين الذين لم يتم الإفراج عنهم “أحياء أو أموات”، لا تزال عالقة وتتطلب عمليات بحث..

حضور دولي كبير

وشهدت القمة التي جاءت بعد الاجتماعات الأخيرة للرئيس الأمريكي مع بعض الرؤساء العرب، وإعلان “ترامب” مبادرته لوقف إطلاق النار، مشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات ومنظمات دولية وإقليمية، في حدث يعتبر الأبرز والأهم منذ انطلاق عملية ” طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر عام 2023، وبدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة..
حيث شارك في القمة التي ترأسها الرئيس المصري والرئيس الأمريكي، الرئيس الفلسطيني، ورئيس الوزراء العراقي، وملك الأردن وملك البحرين، وأمير قطر، إلى جانب وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورؤساء وزراء إيطاليا،وبريطانيا، وإسبانيا وكندا ورؤساء فرنسا اليونان، والمستشار الألماني..
وحضرها أيضاً رؤساء تركيا وباكستان وأندونسيا وأذربيجان، في غياب تام لدول المغرب العربي، وروسيا والصين وإيران..

“يومٌ عظيمٌ للشرق الأوسط”..

ووصف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قمة “شرم الشيخ”، بأنها “يومٌ عظيمٌ للشرق الأوسط”، مثنيا على الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، على مشاركته في الجهود التي أوصلت لاتفاق وقف إطلاق النار، قائلاً: “لا نريد نشوب حرب واسعة في منطقة الشرق الأوسط، والجميع سعداء بالوصول إلى هذه اللحظة واتفاق غزة سيصمد.”..

وقال “ترامب” في كلمته أمام القمة: «يشرفني أن أكون حاضراً لهذه القمة والتوقيع على الاتفاق، هذا الوضع المأساوي في غزة الآن أصبح وراءنا.»..

وشدّد على أن الضربات العسكرية الأمريكية لإيران، واستهداف منشآتها النووية، هي التي أوصلت إلى هذا الاتفاق الاستثنائي، مشيراً إلى أن الجميع كان يظن أن السلام في الشرق الأوسط سيكون مستحيلاً، ومؤكداً أن الشرق الأوسط سيشهد تقدماً هائلاً..

حرب غزة آخر حروب الشرق الأوسط.

السيسي: خلال ادعو أن تكون حرب غزة آخر الحروب في الشرق الأوسط،

ودعا الرئيس “السيسي” خلال افتتاح القمة، إلى أن تكون حرب غزة آخر الحروب في الشرق الأوسط، وذلك بتضافر جهود الجميع لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسي اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد، نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” في طي صفحة الصراع والعيش بأمان..

وأشاد “السيسي” بالرئيس “ترامب”، واصفاً إياه ب”القيادة الشجاعة المحبة للسلام، والذي ساهمت جهوده في إنهاء الصراع، وتحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، بل وفي العالم أجمع”.

وبيَّنت كلمة “السيسي” أن المرحلة القادمة في الشرق الأوسط ستكون بقيادة الرئيس الامريكي “ترامب”، وذلك حين خاطبه قائلاً:”لقد أثبتم أن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب، وإنما في القدرة على إنهائها… ونحن على ثقة في قيادتكم لتنفيذ الاتفاق الحالي وتنفيذ خطتكم بكافة مراحلها.”..

 

علو مصر ونزول قطر..

ويبدو أن مصر قد استولت على المكانة التي كانت تاخذها قطر، في منازعات الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية، حيث أشار “السيسي” إلى ريادة مصر في التطبيع مع إسرائيل بعد زيارة السادات للقدس، وتوقيع اتفاقيات “كامب ديفيد” مع دولة الاحتلال، ومبيناً أن أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط..

وأكد “السيسي” باسم الدول العربية والإسلامية”، على أن السلام يظل “خيارنا الاستراتيجي”، وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة في الحقوق..

وطالب بإعطاء الشعب الفلسطيني حقَّه في دولة وطنية وتقرير مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبلٍ لا يخيم عليه شبح الحرب، وأن ينعم بالحرية والعيش في دولته المستقلة، في سلام وأمن واعترافٍ متبادل جنباً إلى جنب مع “إسرائيل” .

وأوضحت دعوة “السيسي” للشعب “الإسرائيلي”، بأن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد، والتطلع لمستقبل أفضل لأبناء “بلادنا” معاً، أن هناك خطوات متسارعة لتطبيع باقي الدول العربية مع دولة الاحتلال، وإنهاء القضية الفلسطينية، طبقاً لمبادرة “ترامب” التي لم تتضح جميع نقاطها بعد..

ماذا بعد قمة شرم الشيخ..؟!

إن أبرز النتائج المستخلصة من قمة شرم الشيخ، تبرز في الآتي:-
أولاً/ الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة القرار في أهم قضايا الشرق الأوسط، سواء بواسطة القوة المتمثلة في عصاها الطويلة “إسرائيل”، أو بواسطة السياسة من خلال الحكام والرؤساء العرب، وهو أمر لم يعد مخفياً، خاصة منذ تولي “دونالد ترامب” الرئاسة..

ثانياً/ تقلّص الدور القطري لصالح استعادة الدور المصري للقيادة بالمنطقة، وأكبر دليل على ذلك الضربات الجوية التي قامت بها “إسرائيل” على العاصمة القطرية الدوحة بدعم وموافقة أمريكية، والدور المصري في الوساطة بين حماس و”إسرائيل”، وتصريح “ترامب” بأن “حماس تحترم مصر”، وحديث “السيسي” باسم الدول العربية والإسلامية..

ثالثاً/ لا زال لتركيا دور مطلوب عن طريق رئيسها “أردوغان”، في الملف السوري، والوصول إلى تطبيع كامل بين دولة الاحتلال وسوريا، تتنازل فيه سوريا عن أراضيها المحتلة مقابل السلام من “إسرائيل”، والرضى الأمريكي عن الحكومة السورية الحالية..

السلام ل”إسرائيل” فقط…..

ورغم كل الخطابات الرنانة والحديث عن المستقبل الواعد لشعوب المنطقة، تبقى حقيقة واحدة لا تقبل الشك، هي الهدف الرئيس لكل القمم والاجتماعات والاتفاقيات والوعود، هي أن السلام المنشود هو سلام دولة “إسرائيل”، وأن الأمر المتفق عليه هو إنهاء جميع أشكال المقاومة، فبعد القضاء المعنوي على “حزب الله” والعمل على نزع سلاحه، فإن الدور الآن على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التي تُعد المقاومة الأبرز بين الحركات الفلسطينية، بعد اتفاقيات “اوسلو”، التي جعلت مقاومة حركة “فتح” المسلحة شبه منعدمة..

لا “لاءات” ولا حق عودة…

ويطرح اجتماع قمة شرم الشيخ تساؤلات عديدة، عن “لاءات” قمة الخرطوم، وعدم توطين النازحين واللاجئين الفلسطينيين، وحق العودة، وخطة “ترامب” بترحيل سكان غزة، والشراكة الاقتصادية بين بعض دول الخليج كقطر والإمارات، وكذلك تركيا، مع دولة الاحتلال، ومن سيدفع فاتورة إعمار غزة بعد أن دمرتها قوات الاحتلال..؟!

الجواب يكمن في جملة: أن العرب اصبحوا مفعولاً به مأمور، بأوامر أمريكية حتى في شؤون دولهم وعلاقاتها مع الغير، أما العودة فصارت أثراً بعد عين، والكل سيقبل بالتجنيس والتوطين..

قمة شرم الشيخ هي التي افتكت البندقية الفلسطينية، ولن تمنح الفلسطينيين سوى وعود، كوعود قمتي بيروت والدار البيضاء، واتفاقيات أوسلو ووادي عربة، وكسراب جائزة نوبل ل”عرفات ورابين”..

 

ترامب: انه يومٌ عظيمٌ للشرق الأوسط”

الحقيقة بلسان “ترامب”..

وختاماً.. الحقيقة كما قالها أصدق رؤساء أمريكا، رغم صهيونيته المقيته، حين حضر “ترامب” اليوم لإلقاء خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي، بدأ كلمته بتوجيه حديثه إلى “نتنياهو” ورئيس الكنيست، وزعيم المعارضة “لابيد”، اللذين تحدثوا قبله، قائلاً: “أنتم تحدثتم كثيرًا، وخطاباتكم كانت مُملّة، وأنا لديّ اجتماع في شرم الشيخ مع عدد من قادة الدول الأثرياء اللذين يمتلكون المال، وأخشى أن أصل متأخرًا فلا أجد منهم أحدًا، ولا يتبقى إلا أفقر اثنين فيهم!”..

شاهد أيضاً

ارتفاع أسعار النفط 1% وبرنت يحقق 63 دولارا للبرميل

ارتفاع أسعار النفط 1% وبرنت يحقق 63 دولارا للبرميل

الصباح/ وكالات استردت أسعار النفط بعض خسائرها الحادة اليوم الاثنين، بعد أن سجلت أدنى مستوياتها …