بقلم /عبدالباري رشيد
جمهورية الكونغو التي تترأس اللجنة رفيعة المستوى والتي شكلها الاتحاد الافريقي لمتابعة الملف الليبي – كانت حاضرة خلال مؤتمر(برلين) الملتئم يوم 19 يناير الماضي من خلال الرئيس (ساسو) الذي مثل الاتحاد في المؤتمر -والكونغو كانت حاضرة وبقوة ايضاً من خلال إحتضانها يوم 30يناير بالعاصمة برازافيل الزعماء وممثلي البلدان العشرة الاعضاء بها ورئيس المجلس الرئاسي فضلاً عن …… الامم المتحدة – ووزيرة خارجية المانيا بإعتبار ان بلاده خرج عن قمتها (بيان) برلين – الذي وضع الخطوط العريضة للتحرك في المرحلة الراهنة على كافة المستوى – العسكرية والسياسية والاقتصادية – وكانت اول تمراثه إلتئام اللجنة العسكرية بمقر الامم المتحدة بجنيف خلال الساعات القليلة الماضية التي تعرف بـ5+5
في برازفيل كانت الفرصة مناسبة لحكومة الوفاق لان تطرح رؤيتها مجدداً حول الحلول المناسبة للأزمة الليبية برمتها – بمافي ذلك – العدوان على العاصمة وضواحيها وتداعياته وتأثيراته وماخلفه حتى هذه اللحظات من ضحايا ودمار وعرقلة للاتفاق السياسي الذي تسلمت بموجبه حكومة الوفاق السلطة في شهر مارس من العام 2016م . . وخلال محادثات اجراها رئيس المجلس الرئاسي مع الرئيس الكونغو (ساسو) كانت الرؤيا واضحة أمام رئيس اللجنة رفيعة المستوى – حيث إتفق الجانبان على ان يكون للاتحاد الافريقي دوراً محورياً في إيجاد حلول للأزمة الليبية ، وبأنه لاحل عسكري لها وضرورة العودة للمسار السياسي .. وهي مناعة تأكدت لدى الزعماء الافارقة بصورة عامة – وحتى لبقية دول العالم التي حاولت في فترة سابقة – إطالة أمد الازمة عبر التدخلات السلبية في الشؤون الداخلية الليبية – وعرقلتها وإستصدار مجلس الامن لقرارات حاسمة لوقف فوري للعدوان على عاصمة كل الليبين ، وهو الامر الذي تسبب في زيادة معاناة المواطنين ، والحالة الكارثية التي بلغت ذروتها في سقوط اكثر من عشرة الآف ضحية مابين شهيد وجريح فضلاً عن دمار لاكثر من عشرين الف بيت ونزوح اكثر من 130ألف مواطن ، وغير ذلك من الدمار المرصود من طرف المنظمات الدولية التي تسجل كل شي وتقدمه للأمين العام للأمم المتحدة والذي بدوره يعرضه على أعضاء المنظم الأممي . ليقف المجتمع الدولي على حجم الكارثة وبشاعة العدوان على عاصمة دولة عضو بالأمم المتحدة ، وكما ذكرنا فإن افريقيا التي كانت حاضرة وبقوة في قمة برلين يمكن القول وبحسب المراقبين بأنها انتزعت المبادرة في الملف الليبي ، وسمت الأشياء بأسمائها وقررت ومن خلال اللجنة الرئاسية رفيعة المستوى – ان يكون للاتحاد الافريقي دوراً بارزاً ، يتخطى بيانات الشجب والاستنكار والقوالب الجاهزة ، الى العمل الفوري وعلى الارض من خلال الأطراف الليبية ذاتها – وهو ماأكد عليه مثلاً وزير خارجية الكونغو على هامش اجتماع اللجنة – حين قال صراحة – بأنه لايمكن لافريقيا ان تبقى على هامش التطورات الجارية في ليبيا – باعتبار ان ليبيا دولة افريقية وعضو مؤسس للإتحاد – وهو الامر الذي لايمكن ان تبقى افريقيا مكتوفة الايدي بشأنه ، وقد خرجت عن اجتماعات اللجنة رفيعة المستوى قرارات مهمة للغاية من ابرزها تشكيل لجنة تحضيرية لمنتدى الاتحاد الإفريقي – الليبي وهي مفتوحة لجميع أطراف النزاع في ليبيا – ولزعماء القبائل والشباب والنساء وغيرها من الشرائح الشعبية التي تطمح وترغب في خروج البلاد من ( النفق) المظلم ، وكشف رئيس المفوضية العليا للاتحاد الإفريقي بدوره عن وسائل نحضيرات الاتحاد لعقد (مؤتمر المصالحة) بين الليبين بالتشاور مع الاطراف الليبية والبلدان المجاورة والامم المتحدة – ومثل هذه الخطوه العلمية وبحسب ميراه المراقبون للمشهد الليبي تنسجم مع المبادرة السياسية التي طرحتها حكومة الوفق يوم 16يونيو من العام الماضي على الشعب الليبي – وهي المبادرة التي تتضمن آليات وترتيبات الانتقال الى المرحلة النهائية للوصول الى الدولة المدنية الديمقراطية – عبر إنتخابات حرة – تفرز مؤسسات تشريعية وتنفيذية وحتى رئاسة الدولة وغيرها من أبجديات الديمقراطية المعمول بها في العالم .. والمبادرة المشار اليها كانت تحت تصرف الشرائح السياسية والاجتماعية والفكرية ومنظمات المجتمع المدني . من خلال اللقاءات ( التشاورية) التي نظمتها حكومة الوفاق لإثراءها والخروج بمشروع وطني شامل يضمن الانتقال الى الدولة المدنية – التي تحقق طموحات كافة الليبين في الحرية ، والمصالحة الوطنية – والتسامح وغير ذلك من مفردات السلم الاهلي .
وثمل هذه الرؤيا والتطلعات تشارك ليبيا ايضاً في قمة الاتحاد الافريقي المقرر إلتئامها بعد يومين وتحديداً 8و9فبراير الجاري في أديس أبابا – وهي القمة العادية السنوية والتي تشهد عادة حضوراً مكثفاً لكافة زعماء وقادة ورؤساء القارة السمراء ، بحيث سيقف الجميع في تلك القمة وأمامهم حصيلة إيجابية لمخرجات اللجنة رفيعة المستوى والتي ستساعدهم على إتخاذ القرارات العملية والفورية لتنفيذ خطة طريق وتسوية سلمية شاملة للملف الليبي ، ولقد عبر مثلاً رئيس مجلس السلم والامن بالاتحاد الافريقي عن تفائله خلال تصريحات أطلقها اوائل يناير الماضي حتى قبل قمة برلين - عندما ذكر بأن مجلس السلم والامن بالاتحاد الافريقي سيعقد جلسة خاصة عشّية قمة أديس أبابا – لبحث الترتيبات والاجراءات اللازمة لإنجاح المصالحة الوطنية في ليبيا مُشيراً الى نتائج سابقة حققها الاتحاد عندما نجحت وساطته في إحلال السلام في بلد إفريقي عضو – وهو جمهورية أفريقيا الوسطى -التي طوت ملف الصراع على السلطة – واتجهت نحو الخيار الديمقراطي والسلم الاهلي ، وأحرقت أدوات وإسلحة الفتنة والاقتتال الداخلي – وأكد أيضاً بأن مجلس السلم والامن المنبثق عن الاتحاد الافريقي يريد ( إسترجاع ) الملف الليبي ليبقى ملتزماً بدعم تسوية سلمية شاملة في ليبيا مثلما نجحت وساطته في ملف جمهورية أفريقيا الوسطى .
وهكذا وبحسب مايرصده المراقبون من تحركات أفريقية على مختلف المستويات والأصعدة بالنسبة للملف الليبي ، من برازافيل – وحتى أديس أبابا – فإن نظرة التفاؤل تبقى هي سيدة الموقف في المشهد الليبي للخروج من الأزمات التي تعيشها البلاد – وقد عبر عن ذلك مثلاً رئيس الملجس الرئاسي خلال كلمته امام المشاركين في قمة تتطلع الى ان يلعب الاتحاد الإفريقي دوراً ( مركزياً) يساهم بفعالية في إيجاد حلول للأزمة الليبية – وتقدم باقتراح لتعّيين موفد افريقي خاص الى ليبيا يتولى التنسيق بين مسارات الحل ، ليكون الثقل الإفريقي حاضراً وفاعلاً بقوة في الملف الليبي ..